بروح الساموراي نهضوا.. فهل ننهض نحن؟

من أعجب الشعوب التي رأيتها وقرأت عنها كثيرا، الشعب الياباني العريق. هذا الشعب الذي بقي في عزلة لمئات السنين، ولمّا انفتح أذهل العالم بما توصل إليه من تطور وتقدم وعلوم، فها هي روح الساموراي ملتصقة بالإنسان الياباني منذ أن كان يحمل سيفين ليحارب بهما الأعداء تلبية لنداء الواجب، حتى يومنا هذا وهو يصنع بسيوف العلم أصغر وأعقد جهاز توصلت إليه التكنولوجيا الحديثة.

تسمية الساموراي كانت تطلق في اليابان على المحارب البطل الذي يتصف بكل صفات النبل والتضحية، وتعني في اللغة اليابانية “الذي يضع نفسه في الخدمة”، وبتلك العقيدة غابت الفردية في اليابان القديمة والحديثة وحلّت محلها الجماعة وخدمة المجتمع،  ففي ثقافة الساموراي التي تأصّلت في نفس الياباني، أن ثروة الإنسان تكمن في خدمة مجتمعه ووطنه والتضحية في سبيلهما لا بما يملك من مال أو مقتنيات، وقد رأينا في الزلزال الأخير الذي أصابهم حجم الإيثار والتضحيات التي بذلوها في سبيل بعضهم رغم الآلام. وفي القرن المنصرم لم ننسى كيف جُنّ قادة الأسطول البحري الإمريكي في الحرب العالمية الثانية بسبب الطيارين اليابانيين، الذين كانوا يلقون أنفسهم بطائراتهم فوق سفن البحرية الأمريكية في مهمات انتحارية لتحقيق النصر لليابان. وبنفس روح الساموراي تلك والتي رسّخت في نفسية الياباني وعقليته التقديس للبطولة في شتى ميادينها، نراه يتفوق في العلم والتعلم ويتميز بابتكاراته واختراعاته ويثابر بإلحاح في سبيل الوصول الى أهداف شعبه وأمته. فبعد محاصرة الكومودور الأمريكي “ماثيو بري” اليابان بسفنه الحربية التي تحمل مدافع ضخمة في عام 1853م لإجبارها على فك حدودها – وقد كان اليابانيين حينها يحاربون بالسيوف – ، نراها بعد أقل من مائة عام تحطم غرور المارد الأمريكي في معركة بيرل هاربر وتسحق جيشه بجنودها وطياريها. وحتى بعد أكبر جريمة أُقترفت في حق شعب، بإلقاء قنبلتين ذريتين على هيروشيما ونجازاكي، نرى الساموراي يعود من جديد ليلملم أشلاءه وآلامه وينهض أقوى مما كان مستعينا بروح المحارب المملوءة بالتحدي لتصبح بعدها اليابان من أعظم الدول في عصرنا هذا.

في اليوم العالمي للشباب، نتوجه لشبابنا العربي، نطلب منه الإستلهام من هذا الشعب الياباني العظيم، الذي واجه كل تحدياته بنَفَس المحارب البطل الذي لا يهزم، والذي لم يهدر الوقت في تضميد جراحاته بل تعالى عليها وأنشئ واقع جديد لانتصار جديد في ميدان جديد اختار مكانه وزمانه. الشاب العربي اليوم يمتلك خياراته، وأمامه الكثير من الدروب التي تناديه، فليختر منها ما يقوده لحياة مشرقة ومزدهرة وما يجعل من وطنه ريادي ومتقدم، وهو يملك بتاريخه وعقيدته وغناه الثقافي أكثر مما ملك الياباني، فماذا سيصنع لو وظّف كل هذا الثراء الروحي والعقلي لصناعة مستقبله، حتماً ستكون النتائج مذهلة.

نعيمة رجب

عضو جمعية البحرين النسائية – للتنمية الإنسانية

مقالات ذات صلة

استجابات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *