متى تنام المرأة؟

نشرت إحدى الصحف الأجنبية إعلاناً لمسابقة أجمل مقال للتعبير عن علاقة المحبة بين الزوجين، ومن بين مئات الردود فاز مقال مطوّل لسيدة مفاده: أنا وزوجي مختلفان لدرجة التطرّف، فأنا منظّمة جداً وحياتي تسير بالمسطرة والقلم، بينما لا أتذكر أن زوجي وضع قميصه المتسخ في سلة الغسيل قط، أو حتى أغلق غطاء أنبوبة معجون الأسنان، ولكنني كل ليلة أدير له ظهري وأغمض عينّي لأنام ملء جفنّي، فهل هناك علاقة أجمل من الشعور بالأمان؟

وعلى صعيد آخر، استشارني أحد الأقرباء يوماً بشأن زواجه من أخرى رغم استقرار حياته الزوجية، مُبرّراً أنها -أي المرأة الأخرى- كانت لا تنام بسبب الخوف والرعب من العنف الذي تتعرض له من زوجها السابق، وهي تستحق حياة أفضل، فأجبته بهدوء: وهل تعتقد أنها ستنام قربك بأمان بعد زواجها منك؟ ورغم اندهاشه من إجابتي استكملت قائلة: هي لم تشعر بالأمان مع الأول بسبب العنف، ولن تشعر بالأمان معك لأنك قد تأتي بزوجة ثالثة تفسد حياتها كما ستفسد هي حياة زوجتك الحالية.

المرأة غالباً ما تكون هي الحلقة الأضعف في الأسرة والمجتمع لكثير من الاعتبارات، وأمانها مهدد إما خوفاً من فقدان الزوج أو الأمن الاقتصادي أو تجنبّاً للرجوع لبيت أهلها حاملة لقب “مطلقة” أو ما يتبعه من لوم وعتب وتحمل “جريمة” الانفصال.

تأسيس علاقة زوجية سليمة ليس سهلاً على الإطلاق، فكلا الفتى والفتاة من بيئتين مختلفتين وإن تشابهت ثقافتهما المجتمعية، فما كان مسموحاً وعادياً عند أحدهما قد يكون ممنوعاً عند الآخر، والطباع الحقيقية تظهر واضحة جليّة، فابتسامة الصباح المرسومة على المحيّا قد تصبح عبوساً وغضباً عند رنين جرس المنّبه، فما تلبث أحلام فترة الخطوبة لتتحطم أمام الاختلافات والتحديات ومتطلبات الحياة، وازدياد التوقعات والمتطلبات من الطرف الآخر، فيتسلل للنفوس شعور الخوف من خسارة المكتسبات السابقة والخشية من المتطلبات القادمة، وبالتالي فقدان الأمان الزوجي المأمول.

فحسن اختيار الشريك سيجنّب المرأة المعاناة والقلق لاحقاً، وهذا الاختيار لا يكون قائماً على مقدار الهدايا التي يقدمها، ولا عبارات الغزل التي يبعثها، بل بالاستماع إلى صوت قلبها ومقدار إيمانه بها وتقديره لشخصيتها ودعم طموحها العلمي والعملي، وتحفيز إنجازاتها ورسم الضحكة على شفتيها.

بناء مؤسسة زوجية سليمة يتطلب رؤية مشتركة، إن وضحت لكليهما فسيتنافسان لإحراز أهدافها وإن اختلفا، فتسود حياتهما المودة والرحمة وتتغلف بالمحبة والاحترام حيث تستطيع المرأة النوم بأمان.

بقلم: م. صبا العصفور

مقالات ذات صلة

استجابات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *