رمضاننا غير

استلّت الأم ورقةً وقلما لتكتب احتياجاتها لشهر رمضان المبارك للتبضّع، فأعدّت قائمة بالأطعمة التي ستشتريها من البقالة بحسب أذواق زوجها وأبنائها، فهذا يريد سمبوسة بالجبن وتلك لفائف الدجاج وذاك مرقة اللحم وهكذا، وأخذت تعدّ قائمة أخرى خاصة بها لمضادّات الغضب والتوتر استعدادا لتذمرهم وكثرة متطلباتهم.
فكرت الأم في رمضان الذي لم يعد شهر التقرب لله بقدر ما أدخلت عليه مظاهر بهرجة ومأكولات وأزياء وتقليعات لا تمت لغايته بصلة، وتحوّلت قِيَمَهُ للنقيض لتصبح كأنّها عادات وتقاليد، فصار الزهد رياءً، والكرم إسرافا، والبساطة تبذيرا، فلمعت فكرة في رأسها وأسرّتها في نفسها: ليكن هذا الشهر مختلفا، وليخرج الأبناء من شهر الكسل إلى شهر العمل، ومن عبئ ثقيل إلى فيض وفير.
في اليوم التالي اتفقت مع زوجها على الاستفادة من بركة الشهر وفضله باستعادة مظاهره الحقيقية لغرس أخلاقه الربانية في العائلة وبارتقائها الروحي بممارسات بسيطة لا تثقل كاهلهم ولا تغيّر من الجو العام له، وإنما بإدخال سلوكيات ذات قيمة في برنامجهم اليومي.
فدعتهم لاجتماع طارئ، وقالت: لقد كبرتم الآن وأصبحتم على قدر من المسؤولية، وهذا شهر رمضان على الأبواب وهو شهر الخير والعطاء، وأول المستحقين لعطائكم هم أعضاء أسرتكم المباشرة، فما الذي ستقدمونه لهم؟
تفاجأ الجميع بالسؤال وبدا عليهم الضيق والتذمّر فقد اعتادوا أن يكون رمضان ملبيا لرغباتهم وأذواقهم، وتيقنوا بأنه لا مفر من التلبية وأخذوا يفكرون بالفعل.
اقرّت الأسرة أن هناك نوعان من الأعمال عليهم القيام بها، الأولى روحانية كقراءة القرآن والأدعية والصلوات وهي شأن خاص بكل فرد يخشتار ما يناسبه، والأخرى منزلية تثقل كاهل الأم والعاملة كإعداد الطعام لوجبات الفطور والسحور وما يصاحبها من تنظيف وترتيب وغسيل وهذا لابد من القيام به معا.
فاتفقوا جميعا على أن يكون هذا الشهر تحت عنوان “رمضاننا غير” لتعزيز قيمة التعاون والمشاركة والعطاء، فعزم كل منهم بحسب عمره وامكانياته على أداء مهمة واكتساب مهارة والالتزام بهما طوال الشهر لتخفيف العبء على أمهم وأبيهم والعاملة.
بقلم:م.صبا العصفور
استجابات