تحية للفائزات بجائزة نوبل

لم تُعطَ ملكة سبأ بلقيس جائزة نوبل للسلام، حين اختارت إرسال هدية عوضاً عن شن الحرب على النبي سليمان (ع). لكن اليوم، تُتوِج هذه الجائزة ملكة جديدة للسلام في أرض اليمن، هي السيدة توكّل كرمان، الثائرة التي آمنت بالنضال السلمي طريقاً للحرية والكرامة لشعبها. فازت بها مثالثة مع سيدتين ليبيريتين: السيدة ألين جونسون سيرليف أول رئيسة منتخبة في أفريقيا، ومواطنتها الناشطة ليما غبوي، التي كان لها التأثير الكبير في إنهاء الحرب الأهلية في ليبيريا.

ما يميز هذه الجائزة هذا العام أن اللاتي حصلن عليها كلهن نساء من الدول التي تسمى بالعالم الثالث – مع تحفظنا على التسمية -، وفي هذا اعتراف جلي بالمرأة في هذه الدول، ككيان مبادر وقيادي في عمليات التغيير الكبرى، وفي الحراك الشعبي والتحول الديمقراطي الذي تسير إليه بلدانها، وهو غير الدور الذي عُرف عنها والذي حفظ لها حد أدنى في الفعل والمشاركة السياسية. هذه النماذج الفائزة، كان لها الدور الأبرز في بلدانها في الوصول إلى السلم الأهلي وتحقيق الإرادة الشعبية.ة.

إحدى الثلاث وهي السيدة غبوي قادت حملة نسائية شعبية، استطاعت من خلالها وقف حرب دموية استمرت ثلاثة عشر عاماً خلّفت ربع مليون قتيل. والثانية هي السيدة جونسون، المرأة الحديدية التي لم يفتّ عضدها رغم كل ما مرت به من محن في حياتها السياسية، إلاّ أنها استمرت، لتصل أخيراً إلى مقعد الرئاسة في دولة ليبيريا، وتقود بلدها الى السلام والتطور الإقتصادي والى البناء والعمران . وأخيراً السيدة توكّل كرمان، المرأة العربية الأولى التي تنال هذه الجائزة، وعلى الرغم من حداثة سنها، إلاّ أنها صحفية متميزة تمتلك رؤية في خلاص بلدها، وناشطة حقوق إنسان صلبة وجريئة، ابتدأت نشاطها منذ سنوات قليلة، واستمرت لم تتوقف ولم تفقد رؤيتها رغم الصعوبات والمخاطر التي وصلت إلى حد تهديدها بالقتل. ومازالت مستمرة إلى اليوم في نضالها السلمي في الميدان.

جائزة نوبل للسلام هذا العام سلطت الضوء على تجارب نسائية رائدة في العمل السياسي السلمي، حريٌ بنساء العالم – لا سيما في منطقتنا العربية – ، دراسة تلك التجارب للخروج بطرق وأساليب عمل أوسع وأكثر فاعلية. فهؤلاء الفائزات أثبتن قدرتهن على التحرك في شتى المستويات، بفضل الرؤية المحددة والمنهجية الواضحة لمسار نضالهن، ومن خلال عمل مؤسسي أمكنهن تحقيق ما عجز عن تحقيقه الكثيرون أو قطع جزء من المسافة كحد أدنى للوصول لأهدافهن . لم يعملن خبط عشواء بل كانت تحركاتهن مدروسة تقود إلى الأهداف التي أرادوها وإن لم يصلوا إليها الساعة، والسيدة كرمان مثال بارز في هذا الصعيد. وعلى مستوى آخر رأينا أن للتحرك النسائي السلمي أثره الكبير على الأرض، ويمكنه تحقيق ما تعجز عنه الترسانات العسكرية، وهو قادر على حل أزمات داخلية والخروج من مشاكل مأزومة، ونضال السيدة غبوي أكبر شاهد على ذلك.

ودرس آخر نستخلصه من هذه التجارب، أنه ليس بالضرورة أن تتقلد المرأة منصبًا حكوميًا كبيرًا لتكون فعّالة وتستطيع التغيير، بل يمكن في كثير من الأحيان أن تكون في أكبر فاعليتها من خلال موقعها الشعبي وسط الجماهير. وعليه فإن على المرأة اليوم التقدم واستثمار كل فرصة ممكنة لتفعيل دورها والنهوض ببلدها.

ألف تحية للفائزات بجائزة نوبل، لأنهنّ ضربن لنا مثالاً فيما يمكن للمرأة أن تحققه لو أنها آمنت برؤيتها وأخلصت لأهدافها، وثابرت لتحقيق ما فيه خير لوطنها وشعبها.

جمعية البحرين النسائية – للتنمية الإنسانية

مقالات ذات صلة

حوار مع الدكتورة/ وجيهة صادق البحارنة – رئيسة جمعية البحرين النسائية – للتنمية الإنسانية

كيف نشأت فكرة تأسيس جمعية البحرين النسائية للتنمية الإنسانية ؟وإلى ما يرجع التميز في برامج وأنشطة الجمعية؟ جمعية البحرين النسائية للتنمية الإنسانية منظمة استشارية في المجلس الاقتصادي…

أسمـاء رجـب: (نزاعات الدول الإسلامية وانهيار السـلام المجتمعي يخدمان الآخـر)

المنامة: حمدي عبد العزيز الانخفاض في مؤشر السلام العالمي وتوسع جغرافيا النزاعات في العالم الإسلامي، دفع جمعية البحرين النسائية والمؤسسة البحرينية للمصالحة والحوار الوطني، إلى…

استجابات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *