د.سرور قاروني في لقاء مع قسم الإعلام : لكل منَا دور في بناء إنسان المستقبل
بمناسبة مرور 12 عاما على بدء برنامج “كن حرا” التابع لجمعية البحرين النسائية والمعني بحماية الأطفال والمراهقين من التعرض للاعتداء، قام قسم الإعلام بالجمعية بإجراء لقاء صحفي مع رئيسة برنامج “كن حرا” د.سرور قاروني، وذلك لتسليط الضوء على طموح القائمين على البرنامج، وأهم التطورات التي طرأت على البرنامج وخططه المستقبلية، ومدى تأثير الورش التي يقدمها على الفئات المستهدفة، حيث بلغت عدد الورش المقدمة لغاية شهر يونيو، وفق الفئة المستهدفة كالتالي: 18692 طفل، 6676 مراهق، 8161 ولي أمر، 884 مختص، وفيما يلي تفاصيل اللقاء:
ïيقوم برنامج “كن حراً” بالعديد من الورش التدريبية منذ نشأته، وقد استقطبت تلك الورش التدريبية فئات المجتمع المختلفة، فهل الورش التي يقدمها مركز “كن حراً” الآن هي ذاتها أم أنّ هناك تغييرا؟
منذ بدأ برنامج “كن حراً” كانت الورش التدريبية للأطفال والمراهقين وأولياء أمورهم هي أحد أهم الركائز التي نعتمد عليها لإيصال المفاهيم التي تساهم في بناء شخصية الطفل والمراهق وحمايته من الاعتداء. ويقوم “كن حراً” بعمليات التقييم والتجديد بشكل مستمر لضمان تطوير مخرجاته بما فيها الورش التدريبية. فمنذ البدء في البرنامج قبل 12 سنة تقريباً، كانت الورش تركز على مفهومين أساسيين وهما مهارات الحماية من الاعتداء والثقة بالنفس، بحيث يتغلغل هذان المفهومين في كل الورش التدريبية مهما كان عنوانها. وفي الفترة الأخيرة تم التركيز على مفهومين أشمل وهما الوجود الإنساني والقيادة والقدرة على التأثير الإيجابي، واللذان بدورهما يحتويان على مفاهيم الحماية والثقة بالنفس ولكنّهما يساهمان في أن يرى الطفل والمراهق جوانب أوسع وأعمق. فمفهوم الوجود الإنساني يساهم في أن يركز الطفل والمراهق على الجوانب القوية و الجميلة بداخله والتي له سيطرة عليها لتطويرها وهي لا ترتبط بوضعه المالي أو الاجتماعي أو أي مجال آخر لا قدرة له على التحكم فيه. بينما يساهم مفهوم القيادة والقدرة على التأثير الايجابي على رؤية نفسه كفرد له قيمة وبإمكانه صنع التغيير والذي ليس بالضرورة أن يكون تغييراً كبيراً، بل يكفي أن يساهم في أشياء صغيرة في محيطه الصغير في المنزل والمدرسة والحي الذي يعيش فيه، والذي يبدأ في تبنيه هو تلك القيم التي يريد إيجاد التغيير من خلالها ليكون هو قدوة لما يود أن يراه في الآخرين.
ïالمادة المقدمة في هذه الورش كما أفدت، مادة ثرية وتحمل مفاهيم راقية، هل هناك تصوَر معين لتوثيق هذه الورش وفق أدلة معينة، أو ما شابه ذلك؟
أحد أهم مخرجات برنامج “كن حراً” هي الأدلة التدريبية التي يعدها البرنامج بعد عمل طويل ودقيق، وهي أدلة تُعدّ وتُكتب للمعلمين والمربين والمدربين بشكل مفصل لكي يتمكنوا من تطبيق الورش للفئات العمرية المحددة لكل دليل. وهذه الأدلة تكون موجودة على موقع البرنامج للتنزيل بشكل مجاني لضمان استفادة أكبر عدد ممكن من الأطفال والمراهقين. ويسعى البرنامج لتحويل الورش التدريبية لأدلة ما أمكن ولكن في أحيان كثيرة لا يتمكّن البرنامج من القيام بذلك لجميع الورش التدريبية بسبب الوقت الكبير الذي يستغرقه كتابة الدليل، ولكن يحاول البرنامج ذلك بقدر الإمكان. وهناك العديد من الورش التدريبية موجودة على الموقع ومنها الورش المتعلقة بمشروع “غراس المعرفة الكونية” والتي تحتوي على مجموعة كبيرة من الورش للأعمار المختلفة شاملة الإعاقة.
ïهل هناك تعاون مستقبلي أو آني مع وزارة التربية والتعليم؛ لمد جسور التعاون، في تقديم هذه الورش لطلبة المدارس مثلا ؟
لدى برنامج “كن حراً” تعاون وثيق مع المدارس الحكومية والخاصة وهم الفئة الأكثر استفادة من ورش البرنامج خاصة الحكومية منها. والمدارس تتقدم بطلبات للبرنامج لتقديم ورش عمل متنوعة طوال العام للطلبة وأولياء أمورهم، فأحياناً تزور مدربات البرنامج المدرسة لتقديم الورش، وفي أكثر الأحيان تأتي المدارس بالطلبة لمبنى “كن حراً” لعقد الورش. ولأن طبيعة الورش التدريبية التي يقدمها البرنامج تحمل طابع المرح وتعزيز ثقة الطالب بنفسه، فيكون حضورهم الورش تجربة جميلة بالنسبة لهم يُعبرّون عنها بأشكال مختلفة خلال الورشة أو بعد ذلك من خلال تواصلهم مع معلميهم.
ïأين يجد برنامج كن حرا نفسه بعد خمس سنوات من الآن ؟
أن يكون قد لامس حياة فئات كثيرة ومتنوعة من أطفال ومراهقي العالم بجمال، سواء كان ذلك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
ïما تحمله هذه الورش من قيم إنسانية راقية، هل لمستم انعكاس لهذه الورش وإحداث تغيير لبعض الأفراد من خلال ملاحظات أو مراسلات إيجابية؟
يستلم برنامج “كن حراً” بصورة مستمرة ملاحظات عن المجالات التي ساهمت الورش المقدمة في إحداث تغيير ايجابي فيها. فبالإضافة لما يُعبّر عنه الأطفال والمراهقون خلال الورشة من تأثر ورغبة في التغيير الايجابي على ضوء المفاهيم التي تمت مناقشتها، يتواصل معنا أولياء الأمور الذين يحرصون عادة على حضور أبنائهم لورش عمل أخرى في “كن حرا”، ويشاركون معنا تجاربهم مع أبنائهم وجوانب التغيير التي يلحظونها عليهم بعد حضورهم الورش. كما تُوصّل لنا العديد من إدارات المدارس والمعلمون فيها جوانب من التأثير الذي لاحظته المدرسة على الطلبة الذين حضروا ورش “كن حراً” بالإضافة لرغبة المدرسة لترتيب حضور مزيد من الطلبة للاستفادة من هذه الورش. كما ويشاركنا العديد من أولياء الأمور بعد الانتهاء من حضورهم الورش التدريبية المخصصة لهم المفاهيم والنظرة للأمور التي اختلفت لديهم وكيف يعتقدون أنّ بإمكانها أن تؤثر في نهجهم مع أبنائهم وعلاقتهم معهم.
ïطموح كن حرًا هو تنمية وبناء شخصية الطفل بشكل عام، هل هناك توجه أو تفكير مستقبلي في استحداث آليات جديدة لتحقيق هذا الطموح؟
في برنامج “كن حراً” نعمل دائماً على إضافة ما يمكن أن يوصل الرسالة للأطفال والمراهقين وأولياء الأمور بما يتناسب مع الطريقة التي تجذبهم وتحببه. فالورش التي يقيمها البرنامج جذابة جداً لهم وكذلك بعض الكتيبات الملوّنة والمصممة بشكل فريد يستهوي الأطفال والمراهقين للقراءة، ومع ذلك فهي جميعها في تطوير مستمر. ونحن نسعى لاستخدام الأفلام القصيرة والمتحركة، وغيرها أيضاً لإيصال المفاهيم بشكل مبسط ومرح وسريع. فلدينا منها العديد على موقع البرنامج الالكتروني، ولكن نطمح لعمل نقلات نوعية في هذا المجال أيضاً.
ïمن أين يستقي البرنامج مادة الورش التي يقدمها؟
بنى البرنامج ثقافة خاصة به منذ اليوم الأوّل لتدشينه. فنحن كفريق “كن حراً” نتعلّم ونقرأ ونحضر مؤتمرات ذات علاقة ونأخذ دورات مكثفة متخصصة داخل مملكة البحرين وخارجها على الدوام، ولكن لا نتبنى شيئاً كما هو، بل نقوم بإيجاد مادتنا نحن المستقاة من القيم الإنسانية التي نتبناها والدور الإنساني الذي نعتقد أنّ كل إنسان بإمكانه أن يأخذه بقوة ويكون له دور إيجابي في الحياة. بالإضافة إلى الأخذ بالاعتبار أحدث ما توصلت إليه العلوم في المجالات التي تساهم في بناء شخصية الطفل والمراهق ومجالات الحماية والوقاية وغيرها من الأمور التي تتعلق ببناء الإنسان. وفي ذات الوقت نبني على الثقافة الإنسانية الموجودة في مجتمعنا والمجتمعات الأخرى وننطلق منها.
ïكلمة أخيرة إلى الدكتورة سرور ترغب في طرحها؟
الجميع يعلم أهمية استثمار الوقت والجهد والعاطفة والمال وكل شيء في سبيل الأطفال والمراهقين إذ هم الذين سيديرون العالم بعد سنوات من الآن، ولكن ليس الجميع يفعل ذلك عملياً ويأخذ دوراً فاعلاً فيه، فربما اعتقد أنّها مسؤولية الآخرين. فلكل منّا دور في بناء إنسان المستقبل ليكون أكثر اتزاناً وعلماً وأخلاقاً ومعرفة، والذي يتأثر معه مجتمع المستقبل. فقط نحتاج لأن نؤمن بأنّ لنا دوراً هاماً ومسؤولية حقيقية، ونُثقف أنفسنا بصورة أكبر في هذا المجال ونقوم بأعمال إيجابية تكرّس الأمل والتغيير للأفضل.