صوت الحماية

كنت أشاهد فيلماً وثائقياً، وشدني فيه المشهد التالي: مجموعة من الطيور مستمتعة بأكلها معاً، وفجأة بدأت تطير واحداً بعد الآخر، وإذا بسنجاب يظهر من تحت الأشجار ليحل محلهم ويأكل أكلهم.

لقد أصدر السنجاب صوتاً قبل خروجه من بين الأشجار، وبمجرد إحساس الطيور بالخوف والخطر تصرفت وهربت لتحمي نفسها.

أحياناً يكون أبناؤنا في وضعٍ خطرٍ أو مؤذٍ، ويسمعون صوتًا داخلهم ينبههم بأن هناك خطر يستلزم الحذر، أو بأن الوضع غير صحيح، أو أن ما يقال غير لائق، إلا أن بعضهم يتجاهل تلك الأصوات، خاصة حين يقضون وقتاً ممتعاً أومثيراً، فيعمدون على إخماد  إحساسهم  وصوتهم الداخلي.

لقد منح الله كل إنسان “وكل طفل” صوتا داخليا صادقاً يميز فيه بين الصواب والخطأ، وكمربين من المهم أن نعرّف الطفل بأهمية هذا الصوت ونعزز ثقته به، وبأنه منبه تلقائي ضد أي خطر محتمل، وإن هذا الصوت هو صديقه الذي ينبغي أن يقوي علاقته به، فكما الطيور – بفطرتها – حين تحس بحركة غير حركتها تهرب مصدقة إحساسها، فعليه كذلك أن يفعل شيئا مصدقاً إحساسه.

ولتوضيح المفهوم عملياً للطفل، يمكن التحاور معه عبر سؤاله هذه الأسئلة:

هل انزعجت يوما ما وشعرت بعدم الراحة حين طُلب منك صديقك عمل شيئٍ غير لائق؟.

هل مررت بموقف كان يضغط عليك زملاؤك لمشاركتهم في سلوك مؤذٍ على طفل آخر؟ وشعرت بالانزعاج من طلبهم وتصرفهم؟.

هل ألحّ عليك أصدقاؤك لمشاهدة صور أو محتوى غير لائق، وتضايقت مما رأيت؟

لنسمع إجابات الطفل ونتعرف على وعيه إزاء صوته الداخلي، ثم نبيّن له إن كل مشاعر الضيق أو الخوف أو الانزعاج التي مر بها ونمرّ بها نحن الكبار أيضا هي مشاعر تنبيه تحدثنا من داخلنا وتقول: توقف أو لا تفعل!؟

  وحين نتوقف فهنا يكون ذكاؤنا الحقيقي لأننا فهمنا إحساسنا بالشكل الصحيح وتصرفنا بالشكل الصحيح أيضا

مثل هذه الحوارات بين المربين والأبناء تفتح للأطفال أفقا واسعاً لفهم مشاعرهم وتطمئنهم بأن لديهم منحة داخلية،  وبها أداة مهمة هي صوت الحماية.

بقلم أ. فضيلة حمّاد

مقالات ذات صلة

استجابات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *