ثقافة الشريط الوردي

مع مطلع شهر أكتوبر من كل عام تتزين كثير من واجهات المؤسسات التجارية والرسمية بالشرائط الوردية دعما لمكافحة مرض سرطان الثدي، وحيث أن هذا المرض تُصاب به حوالي امرأة من كل اثني عشرة امرأة عالميا فهو يُعد من أكثر أنواع السرطانات شيوعا بين النساء، ويتم التعبير في هذه المناسبة عن التعاطف والدعم مع المصابات وتوعية غير المصابات بضرورة أخذ الاحترازات اللازمة وإجراء الفحص المبكر للوقاية منه.

ورغم وجود تواريخ سنوية معتمدة من منظمة الصحة العالمية للتوعية بمكافحة العديد من الأمراض كالإيدز والملاريا والتلاسيميا وغيرها، إلا أن الاحتفاء بمحاربة مرض سرطان الثدي يأتي بقوة أكثر من سواه، لماذا؟ هل لأنه يخص المرأة على وجه الخصوص التي يُعتبر دعمها معيارا عالميا لمدى تقدّم الدول؟ فلماذا لا يسري هذا التعاطف كذلك مع بقية قضايا النساء؟

وإذا أردنا استعراض بعض القضايا التي تهم المرأة في بلداننا العربية ومدى الدعم الذي تحتاجه، سنجد في مقدمتها حق المواطنة الذي لا يكافئ بينها وبين الرجل، فمثلا لا يحق للمرأة المتزوجة من أجنبي منح جنسيتها لأبنائها بينما تمنح للأبناء بشكل تلقائي إذا تزوج الرجل من أجنبية وإن كانت مقيمة خارج البلاد.

أما قوانين الأسرة فالمرأة تعاني الأمَرَّين، فمن جهة نصوص القانون فضفاضة فيسهل الإفلات من استيفاء حقوقها ومن جهة أخرى بطء إجراءات المحاكم، إضافة إلى انتهاك كرامة الفتاة حين يفلت مغتصبها من العقوبة إذا تزوج من ضحيته.

وعلى مستوى التوظيف فنسبة العاطلات أكبر من العاطلين لتفضيل أصحاب الأعمال الذكور على الإناث بحجة عدم مقدرتهم تحمل نفقات إجازات فترة الحمل والولادة وما يترتب عليها من مشاكل الصحة الإنجابية.

ورجوعا إلى مرض الشريط الوردي، فله جانب وردي آخر أكثر إشراقا، فهناك جهات داعمة تستغل هذه المناسبة بعمل حملات لترويج إعلانات وبضائع ومنتجات استهلاكية باللون الوردي كالملابس والشرائط والهدايا، فضلا عن استفادة شركات الأدوية من بيع العقاقير المعالجة والوقاية للمرض.

أما عن بقية قضايا المرأة التي بها تصادم مع القوانين غير المنصفة، فإنها تتطلب الدخول في سجالات سياسية ودينية وثقافية على المستوى التشريعي والرسمي فلا من مجيب.

إذن إضافة إلى الأثر التوعوي لثقافة الشريط الوردي فهي ثقافة استهلاكية ربحية لدى البعض، فيا ترى هل نحتاج علامات ملوّنة للاستهلاك كي تكون مصاحبة لبقية القضايا في سبيل حماية النساء؟

بقلم: م. صبا العصفور

مقالات ذات صلة

حوار مع الدكتورة/ وجيهة صادق البحارنة – رئيسة جمعية البحرين النسائية – للتنمية الإنسانية

كيف نشأت فكرة تأسيس جمعية البحرين النسائية للتنمية الإنسانية ؟وإلى ما يرجع التميز في برامج وأنشطة الجمعية؟ جمعية البحرين النسائية للتنمية الإنسانية منظمة استشارية في المجلس الاقتصادي…

استجابات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *