منال وعالمُها الافتراضي
مع انتشار مرض كوفيد 19 أصيبت “منال” بعدوى المرض من زميلتها في المدرسة، وكانت هي الوحيدة في أسرتها، فخاف أبويها من تأثير المرض على صحتها، مما جعلهما يُوفّران بعض الأطعمة والمضادات التي تقويها، ولكن هنالك شيئاَ آخر كان يُقلقهما وهو كيف ستبقى “منال” طوال فترة الحجر وحيدة في غرفتها؟ وما الذي بإمكانهما فعله ليكونا على تواصل دائم معها؟ كوضع برنامج مفيد ومسلٍ تنشغل به، فلا تشعر بالملل والوحدة.
وبعد مضي يومين تقريباً على إصابتها اكتشف أبويها خلالها بأن ابنتهما لم تكن كما توقعا، كشعورها بالملل والوحدة، بل كانا يسمعانها تدردش مع أشخاص، وأحياناً تضحك بصوت عالٍ، وكلما أرادا التواصل معها، تقول لهما لا تقلقا عليّ إنني مرتاحة جداً، ولا أشعر بما تُفكران به، وهذا أثرَّ سلباً على مشاعرهما وكيف فضلت عدم تواصلهما الذي خططا له.
أتعرفون لماذا لم تشعر منال بالملل والوحدة ولم تكن بحاجة لمساندة أقرب الناس إليها؟
لأنها تعيش عالمها الافتراضي الواسع في غرفتها الصغيرة، تتحدث مع أشخاص وهميين، تتبادل معهم المعلومات، وتلعب معهم بعض الألعاب الغير محبذة، تدخل حسابات محظورة، فعالمها لا يُشعرها بالملل. بل كانت تتمنى أن تزيد فترة الحجر لكي تختلي بعالمها دون رقيب أو حسيب. فما تحتاجه من أبويها هو توفير الغذاء والأدوية فقط لاغير.
يا تُرى هل وصلت منال للتعلق بعالمها الافتراضي بين ليلة وضحاها؟ أم إنها كانت على ارتباط سابق به؟
اعتراف أبويها يُجيب على السؤال: إذ قالا بأنهما منذ فترة مضت لاحظا تعلقها بجهازها وقضاء فترات طويلة عليه، ولكنهما لم يتخذا موقفاً لحمايتها وتقنين فترات الجلوس عليه، ولم ينتبها لمآل ذلك وخطورته، وفترة الحجر كشفت لهما إدمانها لدرجة استغنائها عن تواصلها معهما، وتمنيا لو أنهما اتخذا إجراءات سابقة لكي لاتصل منال لهذا التعلق.
همسة أبوية:
- كن قريباً من أبنائك ومن الجيد معرفة كم نسبة ارتباطهم بهذا العالم؟ وكم من الوقت يقضون؟
- أوجد بدائل وبرامج مفيدة لهم يتطورون من خلالها.
- أخلق عالم حقيقي بديل عن عالمهم الافتراضي بتواصلك معهم، وتحديد أوقات للتحاور معهم ومعرفة أخبارهم.
- الفرص لا تنتهي لحماية أبنائك من تلك الأجهزة وحتى لو وصلوا لمستوى تعلق “منال” فبإمكانك وضع حدود وقوانين وبدائل لتقليل تعلقهم بها.
- قنن فترات مكوثهم على الأجهزة الذكية بتحديد أوقات مناسبة بحسب الفئة العمرية.
- تأكد من أنك مازلت على تواصل جيد مع أبنائك، ولا تنتظر تلك اللحظة التي يتعلقون بهذا العالم فيستغنون عن تواصلك.
بقلم: أ. فضيلة حماد
استجابات