كم ربطة في ذهن أبنائنا ؟

نتجمع كأفراد أسرة في بيت أختي يوم الخميس من كل أسبوع، وقد وافق أن ذهبت إلى بيتهم يوم الاثنين، وما إن دخل عليّ حفيدها نظر إليَّ بنظرةٍ استغرابٍ قائلاً “خالة هل اليوم الخميس”؟

فأجبته بل الاثنين، نظر إليَّ وكأنه يودُّ أن يقول لي لما أنتِ هنا؟ فأنتِ لا تأتين بيتنا يوم الاثنين!

قد يكون سؤاله بناءً على معطيات صحيحة وثابته “ إنَّ يوم الخميس هو يوم تجمّع الأسرة” وإنّ وجودي في يوم آخر قد سبب له تشويشا، ومثل هذا التشويش يكون مؤقتاً لا تأثير سلبي عليه، إنما قد يكون بحاجة لفك ما علق بذهنه، وإنّ إمكانية  تجمّع الأسرة قد في أي يوم ولا يقتصر على يوم الخميس.

فكم من ربطة غير سليمة عُقدت في أذهان أبنائنا؟

فقد يأتي ابننا ليخبرنا بتدني درجاته فنغضب ونصفه بأنه “كسول أو لا فائدة منه” وبهذا نكون قد عقدنا ربطة في ذهنه بأنه “في كل مرة سيخبرنا بدرجاته سنصفه بهذا الوصف” ، وقد يُقرر ألا يجتهد في دراسته، ولا يُخبر والديه لتجنب سماع مثل هذه الكلمات!!  أو قد تُقارن الأم ابنتها بابنة خالتها في كل مرة تزورهم ” بأنها أفضل منها في تحمّلها لمسؤوليتها” ، وبتصرف الأم هذا تكون قد عقدت ربطة في ذهنها ” بأنه في كل مرة تأتي ابنة خالتها ستُقارن بها” ، مما يؤدي إلى كرهها لها، وقد تتمنى ألا تأتي لزيارتهم، أو تنزوي بعيداً عند حضورها لكي تحمي نفسها من مقارنة أمها.

تلك الربطات التي عُقدت في أذهان أبنائنا مصدرها تصرفاتنا، وستظل معقودة ما لم نصححها، ومسؤوليتنا كآباء فكّ الربطات التي تُعيق تواصلهم معنا، ففي حال الابن المتدنية درجاته، يتطلب منا الاعتراف بخطئنا، واتخاذ قراراً بعدم إصدار أحكام مؤذية في حالة الغضب، إنما معرفة مواطن القصور لديه وتشجيعه على الجد والاجتهاد لتجاوزها، وبالمثل في الحالة الثانية بتجنب أسلوب المقارنة المؤذي والتركيز على التشجيع والتعزيز لمواضع القوة والمواهب لديه.

نحن كآباء نقضي وقتاً مع أبنائنا تتجسد فيه قيمنا، وهم يلتقطون ما نقول وما نفعل فيخلقون روابط في أذهانهم، ومن المهم أن نسعى لعقد روابط تقربنا منهم فلا يخافون أبنائنا من البوح لنا بأفعالهم، لعلمهم بأن لدينا سعة صدر، ولا يترددون بعرض مشاكلهم علينا لثقتهم بأننا عوناً لهم في كل الأحوال ولن نضعهم موضع المقارنة، لنؤسس جيلا واثقا بنا، ومنفتحًا علينا دون روابط مقيدة تعيق انطلاقه وتطوره.

بقلم: أ.فضيلة حمّاد

مقالات ذات صلة

تشكيل الهوية الفطرية (الجنسية) للطفل، متى؟

يعتقد البعض عندما يسمع مصطلح الهوية الفطرية أو الجنسية، بمعنى أن يتعرف الطفل على هويته كذكر أو أنثى، بأنه إما أمر لا يجب التفكير فيه فهو تلقائي أو أنه أمر نحتاج أن نفكر فيه ونهتم بأمره عند اقتراب الطفل من سن البلوغ. ولكن الهويات بشكل عام هي قواعد أساسية لدى الإنسان، لذلك فإنها تتشكل منذ سنوات حياته الأولى.. فالهوية الجنسية تبدأ  بالتشكل في…

استجابات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *