الأجداد .. حضن الاطمئنان
رغم إني لم أحظَ بالعيش مع جد وجدة، ولم أُجرّب شعور الأحفاد الذين عاشوا مع أجدادهم، ولكني عشت في وسط الأجداد وشاهدت امتلاك معظمهم لقلب ينبض بالحب، وبمشاعر صادقة فياضة يبثونها لأحفادهم، وهذا يعطي بارقة أمل لتفعيل دورهم في خلق طفل سليم وواعي في زمن تتزايد فيه التحديات، وتتسارع فيه المخاطر خاصة مع عصر التقنيات والذكاء الاصطناعي.
الأحفاد هبة ربانية ومكافأة من الله منحها الله للأجداد، ولوجودهم تأثير جميل في ملء مساحة كبيرة في قلب الأجداد تتدفق معها مشاعر من الحب والانشراح والأمل، التي تضيف لحياتهم جمال ومعنى.
كذلك لوجود الأجداد أهمية كبيرة في حياة معظم الأحفاد والمساهمة في تربيتهم، فهم الحضن الآمن، ومخزن أسرارهم، يُعبّرون عن مشاعرهم ومخاوفهم بحرية وأريحية، لا يشعرون بالتوتر والقلق أثناء تواجدهم معهم، بل تكون مشاعرهم أكثر اتزاناً مما يُحفّزهم للجلوس بقربهم، والأنس بجوارهم، بل الاحتماء بهم إذا ما أحسّوا بخطر ما من حولهم، ومن هنا فإنّه يمكنُ القول إنّ الجدَّ والجدة يسهمان بدورٍ كبير في تربيتهم، وتنشئتهم على القيم الصالحة، والأخلاق الفاضلة.
سأنقل لكم ملخص دراسة عن “تأثير وجود الأجداد على شعور الأحفاد بالأمان”
- أجرت الدراسة مسحًا على 200 من الأطفال في سن المدرسة الابتدائية.
- تم تقسيم الأطفال إلى مجموعتين: مجموعة لديها أجداد متواجدون في حياتهم، ومجموعة أخرى لا تملك ذلك.
- أظهرت النتائج أن الأطفال الذين لديهم أجداد متواجدون في حياتهم كانوا يشعرون بالأمان أكثر من الأطفال الذين لا يملكون ذلك.
- كما وجدت الدراسة أن الأطفال الذين لديهم علاقات قوية مع أجدادهم كانوا يشعرون بالأمان أكثر في مختلف المواقف التي يتعرّضون لها سواء في المدرسة أو المنزل أو أثناء اللعب.[1]
إن وجود الأحفاد مع أجدادهم فرصة لتعزيز دور الأجداد وتحمّل مسؤولية حمايتهم بتوفير بيئة آمنة، وتقديم الحكمة والحب والمرح والدعم من خلال التحدّث معهم والسؤال عن أخبارهم وِإشغالهم بما هو مفيد كحكاية القصص الهادفة، وإعطائهم دروس من تجاربهم وعاداتهم وتقاليدهم والقيم التي عاشوها في الماضي، والحرص على الإصغاء اليهم فلعل بعضهم تعرّض لموقف مؤذٍ، أو قد يكون منزعجاً بسبب مروره بحالة من الفشل والإحباط، أو لعله تعرّض لتنمّر من زملائه في المدرسة، فالأجداد أكثر تفرغا وقلب الأجداد يسع الأحفاد لأنه مملوء بباقة من الحب والحنان والتعاطف الذي يُساهم في حمايتهم وانطلاقتهم للحياة.
مصدر الدراسة مجلة “علم النفس التنموي ” ، المجلد 48، العدد 2، ص. 357-368
بقلم : أ.فضيلة حمّاد
استجابات