الامتحان 

سمعت شاباً من المواظبين على أوقات الصلاة يقول بأنه طلب من أمه أن توقظه في ساعة محددة لأن عليه تقديم امتحان في الدراسة، استيقظ مذعوراً لأن وقت الامتحان قد فات، وذهب إلى أمه مستفسراً، فأجابت: أيقظتك لصلاة الصبح ولم تقُم، وحيث أنك سقطت في امتحان الآخرة، فلا يهمني نجاحك في امتحان الدنيا.  

قد ينال تصرّف الأم استحسان البعض وقد يستنكره آخرون لأسباب مختلفة، فربما يثني البعض على شجاعتها في تعليم الابن درساً لن ينساه أبداً للحفاظ على وقت الصلاة، وربما يراه آخرون مبالغة في أسلوب التوجيه والتربية، أو قد يعتقدونه تدخلاً في خصوصياته وخياراته.   

فأين الحدود التي يقف عندها الأهل في خيارات أبنائهم؟ وهل إلزامهم بالصلاة يُعتبر تجاوزاً لصلاحياتهم في التربية؟ 

ولو استعرضنا كتاب الله لوجدنا أمراً إلهياً واحد اً فقط يأمر الله به المؤمنين باجتنابهم وأهليهم النار “يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ” ولسنا بصدّد تفسير القرآن ولكن لأخذ العبرة بأهمية دور رب الأسرة في وقاية أسرته من نار الآخرة.  

هناك العديد من الآباء والأمهات ممن يبذل الغالي والنفيس في سبيل التحصيل العلمي لأبنائهم وتفوقهم الدراسي، لكن ما هو مقدار ما يُبذل في سبيل حفاظهم على أساسيات أمور دينهم؟ ليس الصلاة فحسب، وإنما التربية الأخلاقية مثل العطاء والتعاون والمنافسة الشريفة والإيثار وغيرها التي تحقق لهم التوازن في التواصل الاجتماعي الصحّي، فنجد أجيالاً من الشباب المتفوقين أكاديمياً ومهنياً ولكن بدون قيم أو مبادئ أو استشعار لحقوق الناس! فنراه لا يتورع عن الوشاية بزملائه وتجاوز حقوقهم في سبيل الحصول على ترقية وحظوة لدى المسؤول أو حتى فقط للإستئثار بالصدارة والمكانة الاجتماعية.  

ففضيلة الآباء والأمهات تكمن في اجتيازهم بأنفسهم أولاً للامتحانات الحقيقية في التربية، وذلك بتعليم أبنائهم أن سعادة الفرد تكون في الحصول عليها عن طريق التمسك بتعاليم الله الأخلاقية والروحية والمعرفية فيحقق بها سعادة نفسه والآخرين في الحياة الدنيا والآخرة. 

بقلم: صبا العصفور 

مقالات ذات صلة

استجابات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *