لحظة فارقة

تروي احداهن قصة تغييرها فتقول: تزوجت إذ كنت جامعية فأسستُ وعملت شريكة مع زوجي في مشروعٍ صغير وكبر معنا، حيثُ عملتُ معه من دون راتب، بالإضافة كنت أدير البيت والأبناء لوحدي دون عاملة منزل، فأنا مربية وأم وزوجة وعليَّ متابعة المهام وتوزيعها والقيام بأدواري جميعا، سارت الأمور بهدوء عبر سنوات طويلة إلى أن كبر أبنائي، كان الضيق أحياناً يأخذني بأن مصدر رزقي هو زوجي وهذا شيء طبيعي جدا لإمرأة مثلي، ولكن رغم هذا الألم إلا أنني كنت أفكر كيف لي بأن أغيرّ الوضع، فأنا فقط من أستطيع أن أتخذ هذا الضيق والألم سبباً للتطوّر وليس للشكوى والتذمر، رغم ضغطه عليَّ من أجل شراء أمور للبيت وللأبناء، ظل الألم ينخر بداخلي خصوصاً عند عدم حصولي على ما أريد تحقيقه،

لم أتذمر يوماً بسبب الضغط ولم أشكو ضيقاً مالياً أتهمه بالتقصير في حقي لأي أحد، فهو لا يتفهم احتياجاتي من أساسها ولا يراها ذات معنى، شرحتُ ذلك مراراً له ولم يتفهمني، فهو يعاملني كأبنائي يعطيني المصروف بشرط أن يعلم فيما سأصرفه.

فجأة وبعد سنوات طويلة مرض زوجي مرضاً مفاجئا وعصيبا دخل على إثرها العناية المركزة كاد يفقد حياته، صرت في وسط احتياجات أسرية وأعباء للبيت وللأبناء، تذكرتُ جلال الدين الرومي وهو يقول “من جمال الحياة أن الله يبعث في طريقك ما يوقظك بين الحين والآخر وأنت الذي ظننت نفسك لوقتٍ طويل أنك مستيقظ”.

كانت هذه المحطة هي فرصة لينطلق قطار أفكاري لمحطة أكثر حكمة ووعياً مهما كانت تلك المحطة طويلة، بدلاً من أن أكون عالقة، حينها قررتُ أنتظر خروج زوجي والطلب منه راتباً شهرياً كموظفة لديه.

    وضعتُ تساؤلاتي كيف سأحلها الآن؟ فأعظم قوة يمتلكها المرء هي قوة الاختيار، وخياري الآن سيحدّد مصيري..

تماثل زوجي للشفاء وكان صادماً له حينما طلبتُ راتباً مجزياً، في البداية رفض بشدة كونني الزوجة واحتياجاتي ملبية بينما دارت حوارات ومناقشات طويلة شهوراً عدة حول حقي في الحصول على راتب، وادخار ما أرغب ادخاره وما يلزمني، وفعلاً بعد استلامي لأول راتب تغيّرت أحاسيسي ورغباتي، فالألم والتعافي يصنع منا أفراداً أقوياء خلال عملية بناء حياة جديدة مفعمة بالأمل والحكمة والمعرفة يكتسب خلالها الفرد الخبرة.  

بقلم:المحامية رمله محمد جواد

مقالات ذات صلة

استجابات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Facebook
X (Twitter)
YouTube
Instagram