لحظات جميلة قد لا تعوض

بينما كانت أم سامي منشغلة في قضاء بعض الأعمال المنزلية، دخل عليها ابنها سامي فرحاً مسروراً حاملاً شهادة تفوقه يُريد أن يفاجئها بنجاحه، وارتفاع تحصيله الدراسي، فقال لها ماما لدّي مفاجأة لك.

اقتربت منه وقالت له: هيا أخبرني ماهي مفاجأتك؟ فقال لها: لقد تم تكريمي اليوم يا أمي ومنحوني شهادة تفوق، وأنا فرحٌ مسرورٌ وأريد أن أخبركِ عما حصل.

فرحت أمه كثيراً واقتربت منه واحتضنته، وقالت له أرني شهادة تفوقك، وعندما شاهدتها ازدادت فرحتها، فقالت: قف يا بني لكي ألتقط لك صوراً وأرسلها لخالاتك ولصديقاتي فسيفرحون كثيراً بتفوقك.

وقف سامي والتقطت له أمه الكثير من الصور، وبعد أن انتهت بدأت بإرسالها عبر وسائل التواصل الاجتماعي لأخواتها ولصديقاتها وهم يباركون لها وهي ترد عليهم، وقد قضت وقتاً كثيراً في ذلك.

أما عن سامي فإنه وقف مندهشاً ينتظر أن تنتهي أمه لكي يعبّر لها عن مشاعره، ويخبرها بما قال له المعلمون من كلمات مشجعة ومحفزة، وعن شعوره حينما صفق له زملاؤه في الصف وغيرها من الأمور التي يود التحدث عنها، وخالجته بعض الأفكار والأسئلة حول انشغال أمه عنه والتي لم يجد لها إجابة شافية.

تمر علينا بعض المناسبات الخاصة بأبنائنا، كأعياد ميلادهم، أو حفل تخرجهم، أو نجاحهم وتفوقهم، وغيرها، والتي يحرص فيها معظم الآباء على التقاط صور لهم للاحتفاظ بها كذكرى جميلة، ولكن في ظل تطور وتسارع وسائل التواصل الاجتماعي، وما يستجد من تطبيقات تُسّهل إرسال الصور لأكبر شريحة ممكنة، أصبح هاجس بعض الآباء التقاط الصور والتسابق في إرسالها، عبر وسائل التواصل الاجتماعي وما يتبع ذلك من الاهتمام بالرد على التعليقات من قبل المستلمين وغيرها.

قد لا يقصد الآباء تجاهل أبنائهم، لكن كثرة الاهتمام بمواكبة وسائل التواصل الاجتماعي يساهم في فقد بعض الأجواء المهمة في تلك المناسبات، والتي من الجيد أن يعتبرها الآباء محطات وفرص لكي يعبّروا فيها عن محبتهم لأبنائهم، إن تلك اللحظات لا ينبغي لها أن تقتصر على احتضان الأبناء والمباركة لهم، فمن الجيد أن تصاحبها كلمات تشجيعية وتحفيزية، والاستماع لهم دون الشعور بإلحاح الحاجة إلى التصوير والنشر، التي جعلتنا نختصر ونستعجل في الحديث مع أبنائنا بغية التصوير.

لذا من الجيد أن يوازن الآباء، فكما يهتمون بالتصوير، عليهم أيضاً الاهتمام بجعل المناسبات حيوية، فيها حب واهتمام، والذي يتطلب منهم أن يكونوا أكثر وعياً لتلك اللحظات التي لا تعوض.

برنامج كن حراً

جمعية البحرين النسائية – للتنمية الإنسانية

مقالات ذات صلة

صنعت مني قارئة

فتحتُ عيناي منذ صغر سني في السنواتِ الأولى من عمري وقبل تعلم القراءة والكتابة على قصصٍ كــ “ليلى والذئب” و”سندريلا”، “بياض الثلج” و”الأقزام السبعة”، التي…