التسامح زينة الفضائل
يحتفل العالم باليوم العالمي للتسامح في 16 من نوفمبر من كل عام، ويهدف هذا اليوم إلى تعزيز قيم التسامح والاحترام المتبادل بين الأفراد والمجتمعات على مستوى العالم .
التسامح يعني قبول واحترام الاختلافات بين الناس، سواء كان ذلك في الأفكار أو المعتقدات أو العادات، وهذا الاختلاف يساعدنا على معرفة الآخرين وتفهّمهم، وفرصة للتقارب معهم .
وفي ظل ما نشهده حالياً من تصاعد العنف والاضطرابات والحروب، فنحن أحوج ما نكون إلى قيم “التسامح” التي تساعدنا على بناء جسور التواصل والسلام مع الآخرين، ومنها: احترام الآخر المختلف، والإنصاف، وحرية الرأي والتعبير، واحترام التنوّع والتعدّدية.
إلاّ أنّ المشكلة تكمن في عدم تطبيق هذه القيم في واقعنا لتساعدنا على تجاوز الخلافات وتحقيق التعايش السلمي في المجتمع.
ومن ناحيةٍ أخرى هناك تحديات كبيرة تواجه فضيلة (التسامح) من أهمّها: التطرّف، والتشدّد، والتعصّب، والكراهية التي تسود مجتمعاتنا، والتي جعلت البعض يكفّر الآخر المختلف، ويعمل على إقصائه وتهميشه، والحطّ من كرامته، وعدم الاعتراف به.
وهذه التحديات تضعنا في موقع المسؤولية للعمل على تجاوزها، عبر تشجيع الحوار بين الأفراد من مختلف الخلفيات الدينية أو الفكرية، واحترام وجهات نظرهم و الحوار معهم “بالتي هي أحسن” وتقبّلهم كما هم.
ويُقابل هذه التحديات نماذج إيجابية للتسامح ومنها: التسامح الديني (احترام عقائد الآخرين) ، والتسامح الفكري (السماح لكل فرد بتبنّي أفكاره الخاصّة)، والتسامح الاجتماعي (لبناء مجتمعات يسودها الحب والتعاون).
وقد تجلّت هذه الأنواع بوضوح في وثيقة المدينة التي وضعها النبي (ص) ، حيث ساوى بين جميع الفئات (من اليهود والنصارى والمشركين) في الحقوق والواجبات، وأصبح مجتمع المدينة أنموذجاً لحرية العقيدة والعدالة الاجتماعية. فكانوا آنذاك “خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ”.
كما شهدنا في عصرنا الحاضر الكثير من النماذج الراقية للتسامح والمصالحة، ومنها موقف نيلسون مانديلا الذي تصالح مع سجّانه، وتمّ إنشاء لجنة الحقيقة والمصالحة لإنهاء الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وفي راوندا تمت المصالحة بين قبيلتي “التوتسي” و”الهوتو” وانتهى بذلك التمييز العِرقي والإثني بينهما.
التسامح هو واجب أخلاقي على الجميع، وهو عنصر أساسي لتجاوز الخلافات، وهو البُنية التي تضمن احترام تنوّع الأفكار والمعتقدات وتفتح المجال للحوار العقلاني والتفاهم المتبادل.
فلنعمل معاً من أجل مجتمعٍ أكثر تسامحًا من خلال ترسيخ الحوار البنّاء، واحترام حقوق الآخرين، وإدراج قيم “التسامح” في المناهج التربوية لتحقيق السلام والرفاه في أوطاننا.
بقلم : د. وجيهة البحارنة
استجابات