لقاء تليفزيوني مع العضوة نعيمة رجب بمناسبة يوم السلام الدولي
“إن غاب التسامح في المجتمع فسيأخذ معه السلام والأمن والسعادة”
في لقاء تليفزيوني خاص ببرنامج ” هلا بحرين” مع الكاتبة والناشطة النسائية بجمعية البحرين النسائية الأستاذة نعيمة رجب بمناسبة يوم التسامح الدولي الذي احتفل به العالم في يوم 16 نوفمبر 2010
في البداية نود التحدث عن مصطلح التسامح، خاصة انه يعتبر قيمة انسانية ضرورية للافراد والمجتمع ، فهل يقصد فيه التنازل والتهاون فقط؟
بدايةً أود أن أفرّق وأميّز بين مفهومين وهما التسامح والصفح، وأغلب الناس يقعون في خلط بينهما، فالصفح هو أن أسقط حقي من الآخر الذي ظلمني أو تعدى على حقي أو آذاني بأي طريقة كانت وأتناسى فعله السلبي اتجاهي، فهذا يسمى صفح وليس تسامح، أما التسامح مدار حديثنا فهو يدور حول تقبّل الآخر في شتى مناحي وجودة، دينه، وانتمائه وطريقة تفكيره وعيشه وإن اختلفت عني أو تضادت معي، فالتسامح أن أرى حقه في التعبير عن رأيه واختيار طريقة تفكيره وعيشه ودينه. أمّا بالنسبة لسؤالك وهو هل يعني التسامح التنازل أوالتهاون فإني أرى أن كلا المفهومين “التسامح والصفح” لا يحملون بتاتاً هذا المعنى .
هل هناك حدود للتسامح في حياة أي إنسان؟
إن كان هناك حدود للخير أو الحب فسيكون هناك حدود للتسامح. فبالطبع ليس هناك حدود للتسامح، فبقدر ما نتمثل نحن بهذه القيمة فإنا نحصد في علاقتنا وحياتنا كلها ثمارها الخيرة والمفيدة على كل الأصعدة، وحتى في أنفسنا ووجداننا نكتسب سلاماً وراحة داخلية، كما أننا سنعطي للآخرين نموذج حي بسلوكنا ليتمثلو هم به وبالتالي ستشيع قيمة التسامح في المجتمع.
ما أثر التسامح في حياة الفرد والأسرة والمجتمع؟
نحن لا نتصور مقدار الأثر الإيجابي لفضيلة التسامح على كل المجتمع أفراداً وأسر، فمثلاً لو تكلمنا عن الأسرة، فإنّا نرى أن البيت الذي يعطي أبناءه مساحة للتعبير عن الرأي، ويحترمهم ويتقبلهم مهما بدت أفكارهم نشاز أحياناً، هذه الأسرة بطبيعة الحال ستخرج أفراد للمجتمع لا يعانون من الكبت أولاً والذي ربما سيخرجوه يوما بطرق قد تؤذيهم وتؤذي مجتمهم كذلك، وكذلك ستشجع هذه الأسره روح الإبداع والإبتكار لدى أبنائها لأنها أكسبتهم ثقة بأنفسهم وبأنهم مقبولين ومحبوبين، وبالتالي سنمنح مجتمعنا أفراد أسوياء قادرين على النهوض به
ما هو تأثير غياب التسامح على الفرد والأسرة والمجتمع؟
إن غاب التسامح في المجتمع فسيأخذ معه السلام والأمن والسعادة، لو تأملنا لمَ تحدث الحروب والنزاعات ويمارس العنف بشتى أشكاله، سنرى لأننا لم نعترف أن للآخر حق في الحياة أوالوجود أو في التعبير عن نفسه. ونظرة واحدة لعالمنا تكفينا لنرى الكوارث والمآسي التي تحدث كل يوم نتيجة غياب التسامح، فالكل يرى أن له وحده حق الوجود والحياة، ومسلكه وتفكيره وحده مستحقا الإحترام، وكل الآخرين ليس لديهم ما لديه، وبالتالي هذه مشكلة كوننا ننظر الى أنفسنا إننا وحدنا جبهة الخير والفرقة الناجية، ونقيّم الآخرين بقدر اتفاقهم واختلافهم معنا ونحاكمهم على هذا الأساس. الكل يمتلك جزء من الحق والحقيقة والشخص المتسامح يؤمن بهذا، لذا علينا تقبّل بعضنا واستيعاب اختلافاتنا، بل ونقدر هذا الإختلاف لأنه يكون عنصر إثراء في كثير من الأحيان.
وما اهميته مع عصر العولمة والتغيرات المتسارعة؟
اليوم حاجتنا للتسامح أكبر من ذي قبل، فاليوم شتى الثقافات تتداخل نتيجة وسائل الإتصال الحديثة والإنترنت، ففي الماضي الفرد يحتك بجاره الملاصق لبيته فقط لذا فتحديات التسامح وقبول الآخر هي محدودة لديه أيضاً، أما اليوم فالعالم كله أصبح قرية صغيرة فعلينا بل يجب أن نستوعب هذا التنوع الموجود ونتصف بالتسامح مع الآخر الذي ليس هو فرد واحد أو حتى جماعة بل هو أمم وبلدان وحشود بشرية.
ما دور الشباب في نشر هذا المفهوم؟
الشباب كما نعرف هم عماد أي تغيير أو إصلاح، فكل حركات التغيير والتجديد والتطوير في كل المجتمعات الإنسانية كان قوادها شباب، فعليهم تعقد الآمال وهم الطاقة الخلاقة والدينمو لكل حركة أو نهضة، فلو استوعب شبابنا مفهوم التسامح واتصفوا به وبنوا كل أفكارهم وسلوكهم إنبثاقاً منه، ودعوا إليه بشتى الطرق حتماً سيتغير الحال للأفضل وسيصبح المجتمع مجتمع إنساني منفتح، وستهزم فضيلة التسامح صفة التناحر السيئة.
استجابات