سلسلة مقالات بعنوان: “أزمةُ “كورونا ” وحمايةُ أبنائنا من آثارها”

2- حماية أبنائنا من دوامة التفكير السلبي

مع تغير نمط الحياة بشكل مفاجىء وغير مسبوق، يشعر جميع أفراد الأسرة بأنهم يفتقدون الكثير من الأمور التي اعتادوا عليها سابقًا، وتبدأ العبارات التي تنمُّ عن الاستياء، وعدم تحمّل هذا التغيير في التداول بينهم، مثل “إلى متى سنبقى في هذا الحال؟”، “تعبنا”، ” أشعر باختناق” وغيرها من العبارات التي تشيع في الأسرة جوًا من الحسرة على الماضي والرفض للواقع.

هذا الوضع رغم الشكل السلبي الذي يبدو عليه، إلا أن به شيئًاجيدًا، وهو أن هذه المشاعر مشتركة، وليست خاصة بفرد دون آخر، فلا يشعر فرد بأنه يعاني لوحده، بل يعرف أنه بالرغم من اختلاف طرق ودرجة تأثير وضع “البقاء في البيت” على أفراد الأسرة، إلا أنهم يشتركون في صعوبته عليهم جميعًا.

هذه المشاعر المشتركة نستطيع أن ننقلها لمستوى آخر، بحيث تنتقل من مشاعر حسرة واستياء إلى مشاعر تقدير لوضع لم نعطه التقدير الكافي الذي يستحقه حينها، والآن لدينا الفرصة لذلك، بأن نذكر ما نفتقده وجوانبه الجميلة، مثل الخروج للعب بحرية، وزيارة الأهل والأصدقاء، والذهاب للمحلات التجارية لشراء ما نحتاجه، وغيرها، ولكن ليس بقصد الحسرة، وإنما بقصد التقدير والامتنان. هذه الطريقة في استرجاع الذكريات والأمور الجميلة، يحبها الكثير من الأطفال والكبار أيضًا ويستمتعون بالرجوع إليها.

فالمناقشة مع الأبناء حول الأمور الجميلة التي يفتقدونها ويريدون عودتها وتقدير أهميتها، هي طريقة للإنعطاف بمشاعر أفراد الأسرة من السلبية إلى الإيجابية لكن بصورة لطيفة وخفيفة عليهم، بدون الحاجة إلى مواعظ طويلة قد تكون منفّرة. وإذا قمنا بذلك مع أبنائنا وعبّرنا نحن أيضًا عن الأمور التي نفتقدها وأصبحنا نقدرها الآن بصورةٍ أكبر عن ذي قبل، فإننا ننطلق من نقطة مشتركة تجمعنا معهم وتشعرهم بالتفهم والقرب.

كما يمكننا الانتقال معهم بصورة تدريجية إلى التفكير في الأمور الجميلة في هذه المحنة، والتي من خلالها قد نتعرف على جوانب مهمة بالنسبة لأبنائنا لم نكن نعرفها من قبل.

وهناك أيضًا طريقة أخرى هي التفكير في الأمور التى لدينا الآن ونحن نستمتع بها، وقد نفقدها يومًا ما أو لبعض الوقت، فنقدّرها ونشكر وجودها الآن، وبالتالي نحفّز أذهاننا على التفكير فيما نملكهالآن، وبصورة إيجابية أكثر أيضًا، مثل القدرة على التواصل مع الآخرين، وجود الطعام، السكن الآمن، هواء غير ملوث نتنفسه، وغيرها.

عندما نساعد أبناءنا على الخروج من دوامة التفكير السلبي والتوتر، فإننا نساهم في رفع مناعة أجسامهم وحمايتهم من الوقوع ضحية لهذا الفايروس، فالعمل على نواحي الوقاية النفسية لا تقل أهمية عن نواحي الوقاية الجسدية.

د. رنا الصيرفي
جمعية البحرين النسائية – للتنمية الإنسانية
برنامج ” كن حراً”

مقالات ذات صلة