بطولةٌ فوقَ العادة
كثيرةٌ هي عباراتُ المدحِ التي تُكال للمرأة خاصةً فيما يتعلقُ بإصرارها في المحافظةِ على أسرتها أو أداءِ دورها بإتقانٍ في تنميةِ المجتمعاتِ والأوطان، ودائما ما توصفُ بالشجاعةِ والبطولة.
وخلال هذه الفترة العصيبة التي تمرُ بها غزّة الحبيبة من عدوان ظالم ووحشي من قبل العدو الصهيوني سطعت لنا تلك الصورة المنقطعة النظير من بطولات المرأة الفلسطينية، فصارت كلمة “بطلة” لا تفيها حقها.
فالمرأةُ صامدةٌ وقويةٌ برغمِ الآلام والأوجاع التي تعتريها وكل ما يصدر عنها من مواقف مشرّفة ليست وليدة اللحظة، إنما هي ثمار ما زرعته في العقود الماضية.
فنراها تشدُّ مِن عضد وعزيمة مَنْ حولها سواء الأسرة أو الأقارب أو الأصدقاء، وحتى الأغراب فهم مشتركون بالهمّ، وتصدح بصوتها عبر القنوات الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي بأن ما يحدث لن يؤثر في معنوياتها فهي صابرة وحامدة ومحتسبة الأجر عند الله تعالى.
ويعتصر قلبنا قهراً حين نشاهد الأمهات شامخات وهن حاملات أطفالهن شهداءً وأشلاءً بحثا للحصول على كفن، أو يركضن بالمصابين منهم بين أروقة المشافي المتصدعة – إن وجدت – بسبب القصف للحصول على أدنى درجة من الرعاية الصحية، أو واقفات في طوابير المعونات لربما ينلن قطعة خبز أو قنينة ماء، أو يجرّونهم خلفهن سعياً للوصول لأي ملجأ.
كما نجدهن تحت أنقاض المباني مستمرات بإصرار على تدريس الأطفال لتمسكهنّ بالأمل ولإيمانهنّ، فهؤلاء النسوة أبدعن وهن لا يمتلكن حتى أبسط مقومات العيش بتوظيف كل ما يقع تحت أيديهن في إيجاد البدائل بتوليد الطاقة لشحن الهواتف النقالة، وعمل مواقد للطبخ وإقامة الستائر والخيام لتوفير الاحتياجات الأساسية للمحافظة على حياة وسلامة وخصوصية من بقي من أسرهن وجيرانهن.
كم هي دروس الإباء والكرامة التي تعلمناها عند مشاهدة أمهات الشهداء وهن يرفعن أبناءهن للمرة الثانية، فالأولى حين الولادة والثانية بعد الشهادة، شاكرات حامدات راجيات رضا الله تعالى بقبولهم في جنانه.
ومع حلول اليوم الثامن من مارس الموافق ليوم المرأة العالمي، لا يسعنا إلا أن نقفَ إجلالا أمام البطولة غير الاعتيادية لتلك المرأة التي تجاوزت بها كل أشكال العنف الواقع عليها مدركة لدورها الإنساني وساعية لإتمامه على أكمل صورة.
بقلم: م. صبا العصفور
استجابات