التعليم من أجل المواطنة العالمية في الدول العربية … لقاء مع د. سرور قاروني
نظّمت منظمة الأمم المتحدة للتربية و العلم و الثقافة “اليونسكو”، ومركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات مؤتمرًا حول التعليم من أجل المواطنة العالمية في الدول العربية، وذلك في القاهرة في 14- 15 أبريل 2015م.
و التعليم من أجل المواطنة العالمية أحد المجالات الاستراتيجية التي يتمحور حولها برنامج التربية لليونسكو (2014-2017) وأحد الأولويات الثلاث التي أعلن عنها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في مبادرة “التعليم أولاً”، والتي أطلقها في سبتمبر 2012.
وقد كان لجمعية البحرين النسائية حضور في هذا المؤتمر، متمثلًا في الدكتورة سرور قاروني نائب رئيس الجمعية ورئيسة برنامج كن حرا، ومن هذا المنطلق أجرى قسم الإعلام بالجمعية حوارًا معها؛ وذلك لتسليط الضوء على أهمية المؤتمر ودور الجمعية في المساهمة في تحقيق أهدافه، وكان الحوار كالتالي:
- الدكتورة سرور، المحور الرئيسي لهذا المؤتمر هو تبني مفهوم المواطنة العالمية، والتركيز على أهمّية التعليم من أجل هذا النوع من المواطنة، فهل بالإمكان إعطاء نبذة مختصرة عن هذا المحور، مع توضيح مفهوم المواطنة العالمية من خلال ذلك؟
بحسب اليونسكو فإنّ هناك تفسيرات متعددة لمصطلح “المواطنة العالمية”. والمفهوم الشائع هو أن “المواطنة العالمية” هو شعور بالانتماء إلى مجتمع أوسع يتخطى الحدود الوطنية، شعور يُبرز القاسم المشترك بين البشر ويتغذى من أوجه الترابط بين المستويين المحلي والعالمي والمستويين الوطني والدولي. وبالنسبة لليونسكو، فإن المواطنين العالميين هم الأشخاص الذين يسعون في طريقة تفكيرهم وسلوكهم إلى بناء عالم يتسم بالمزيد من العدل والسلام ومقومات البقاء.
- في عام 2014م دشنّ برنامج كن حرًا مشروع “غراس المعرفة الكونية” وهو مشروع يساهم في تبني المؤسسات التعليمية لأساليب مبتكرة، كما يقوم على أربع دعائم منها القيم الانسانية، فهل هذه القيم التي يعمل عليها هذا المشروع تشمل أو تلتقي مع قيم المواطنة العالمية التي تم طرحها في المؤتمر؟
“غراس المعرفة الكونية” مشروع رائد لبرنامج “كن حراً” يُساهم في تبني المؤسسات التعليمية والمدارس بمختلف مراحلها لأساليب مبتكرة ومتجددة تجعل منها مؤسسة متميّزة تشوّق الطالب للتفوق والنجاح، والمعلّم للتطوير والإبداع. وهو لا يتطلّب جهداً إضافيّاً من الإدارة أو المعلّم أو أيّ تغيير في استراتيجيّات المدرسة، ولكنّه يرسّخ المادة التعليمية في أذهان الطلبة ويساهم في بناء شخصياتهم وعلاقتهم بالآخر وبالكون، ويضيف معرفة ومرحاً وروحاً إيجابية شيّقة للعملية التعليميّة برمّتها. وهو يرتكز على أربعة دعائم أساسية هي:
الاتزان العاطفي والذي يشمل معرفة الذات وتقديرها، القدرة على فهم المشاعر والتعامل معها والثقة بالإحساس، الثقة بالنفس وثقافة العزة، التشاعر مع الآخرين، القدرة على التحفيز الذاتي، تفهّم الآخرين والقدرة على التعامل معهم والذكاء الاجتماعي، التعمق والتمرّس في مفاهيم ومهارات الحياة ومهارات الحماية الأساسية.
الحس الإنساني والذي يشمل تحسس احتياجات الآخرين، العمل التطوعي بروح إيجابية، المبادرة في خدمة الآخرين.
القيم الإنسانية والتي تشمل تطبيق القيم الإنسانية في الظروف الصعبة، التفكير النقدي، الاختيار بناءً على الأسس القيمية، بناء التصرفات والقرارات والتعامل مع الآخرين على وفق المنظومة القيمية.
القيادة والتفاعل مع البيئة الكونية والتي تشمل المبادرة في التغيير الإيجابي والتحفيز له، المشاركة المجتمعية، بناء علاقات لتحقيق أهداف سامية تصب في مصلحة الجميع، العمل الجماعي واستثماره للدفع تجاه التغيير، تقدير الاختلاف والتعلم من أفضله والبناء عليه، تحمل المسؤولية في المنزل والمدرسة والجهات التي ينتمي إليها وفي المجتمع.
والدعائم الأربع الرئيسية لمشروع “غراس المعرفة الكونية” الآنفة الذكر تصبّ بشكل مباشر في الأبعاد المفهومية الرئيسية للتعليم من أجل المواطنة العالمية والتعليم من أجل التنمية المستدامة التي تبنتها اليونسكو وهي كالتالي:
المهارات المعرفية: يكتسب المتعلمون المعرفة وملكتي الفهم والتفكير النقدي فيما يخص القضايا العالمية وترابط/تكافل البلدان والشعوب المختلفة.
المهارات الاجتماعية العاطفية: يشعر المتعلمون بالانتماء إلى إنسانية مشتركة يتبادلون فيها القيم ويتقاسمون المسؤوليات ويتمتعون بالحقوق ويُظهر المتعلمون تعاطفاً وتضامناً مع الآخرين ويحترمون الاختلافات والتنوع.
المهارات السلوكية: يتصرّف المتعلمون بطريقة فعالة ومسؤولة في السياقات المحلية والوطنية والعالمية من أجل بناء عالم يتسم بالمزيد من السلام ومقومات البقاء.
لذلك فإنّ مشروع “غراس المعرفة الكونية” نموذج عملي ناجح تم تطبيقه بنجاح في العديد من المدارس والتي من خلاله يتم إيصال قيم ومفاهيم المواطنة العالمية لطلبة المدارس بجميع مراحلها.
من الممكن تنزيل الملفات المتعلقة بمشروع “غراس المعرفة الكونية” بصورة مجانية من الموقع التالي www.befreepro.org
- من وجهة نظرك ووفق ما تم تناوله، هل هناك إشكاليات لهذا المفهوم من ناحية التطبيق وتقبل مؤسسات، وأفراد المجتمع؟
مفهوم المواطنة العالمية من المفاهيم التي تعتبر جديدة في الطرح في الوطن العربي نوعاً ما، خاصة على المستوى التطبيقي والعملي في التعليم. لذلك لم يكن من السهل الاتفاق على تعريف موحّد لهذا المفهوم تتبناه جميع المؤسسات ومنها التعليمية، لما له من أبعاد مختلفة قد لا يتفق الجميع على حيثياتها. ولكي يتم إدراج مفهوم المواطنة العالمية في التعليم، فمن الضروري مناقشة المفهوم وتحدياته والعمل بشكل مشترك للوصول لصيغ مقبولة لدى الأغلبية بحيث يمكن الانطلاق منها وبناء آليات عملية لتطبيقها.
- ما هي أهم التوصيات التي ترغبين في طرحها، والتي من وجهة نظرك لها دور كبير وفاعل في نجاح ونشر، وتطبيق مفهوم المواطنة العالمية؟
في ظل الأوضاع الصعبة التي يمرّ بها الوطن العربي يزداد الحذر وتختلط بعض المفاهيم والتوجهات، لذلك اعتقد من المهم أخذ التحديات والمخاوف التي يخشاها البعض من هذا المفهوم بجدية ومناقشتها لكي لا تكون عائقاً أمام نشر وتطبيق مفهوم المواطنة العالمية.وفي ذات الوقت من المهم تطبيق قيم المواطنة العالمية على المستويات المختلفة الفردية والمؤسسية كلما كانت هناك فرصة متاحة، فذلك سيساهم في تقبلها وتيسير نشرها بشكل أكبر عندما يتم إدراجها في التعليم النظامي. كما أنّ التواصل مع المختصين المهتمين على المستوى الحكومي وغير الحكومي في نشر هذا المفهوم وتطبيقه يساهم في التعلّم من التحديات والبناء على التجارب الناجحة المحلية والإقليمية والدولية.
استجابات