وين يروح ولدي؟
انطلاقا من الحس الإنساني الذي هو سمة الإنسان في كل زمان وفي كل مكان، وقعت هذه الكلمات العفوية التي تفوهت بها إحدى الأمهات أثناء مداخلة لها في ندوة “حق منح المرأة جنسيتها لأبنائها والمواطنة الكاملة” التي عقدها الاتحاد النسائي البحريني مؤخرا موقعا يلامس شغاف القلب ويختزل واقعا مؤلما تعيشه هؤلاء الأمهات.
وبعيدا عن أي تنظير، فإن شعور قلة الحيلة أمام منظومة التشريعات التي تمنع المرأة البحرينية المتزوجة من أجنبي من أن تمنح جنسيتها لأبنائها هو حتما شعورٌ موجعٌ وبالأخص عندما لا يمثل الزواج من أجنبي ظاهرة شائعة في مجتمعنا الصغير، وباعتقادي فإن الحالات فيما لو تم حصرها فلن تكون أرقاما ضخمة، بمعنى أن الحالات المشار إليها في حملة الجنسية تحديدا ممكن استيعابها من حيث العدد.
لقد تميزت البحرين بأسبقيتها في الكثير من الميادين الإنسانية، كما تميز شعبها بميزات لا يخطئها أحد من حيث مستوى التعليم المتقدم وغيرها من السمات التي تؤهله لأن يكون على قدر من المسؤولية، وأن يكون حريصا أشد الحرص على وطنه في جميع خياراته بما في ذلك قرار اختيار الشريك والارتباط، وأمينا على شرف الانتساب لهذا الوطن.
فإن كل ما تطمح له هؤلاء الأمهات استقرارا ووطنا يجمعهن بأمان مع فلذات أكبادهن الذين ولدوا وترعرعوا على ترابه واستنشقوا هواءه ونهلوا العلم من مدارسه، لينطلقوا في بناء وإعمار هذه الأرض الطيبة، فلا وطن بعد هذا الوطن.
“وين يروح ولدي؟”، ليس مجرد سؤالا يطرح في ندوة، بل هو نداءٌ ورجاءٌ وطلبٌ ينتظر حلا شافيا من قبل المعنين بهذه الرسالة وهذا النداء.
“وين يروح ولدي؟”، هو شعار يحمل على صدور الأمهات مكتوبا بآهاتهن مسطورا بحيرتهن كلما كبر الأبناء واقتربوا من ساعة الحسم باتخاذ قرار البقاء أو الرحيل، ولكن إلى أين يذهبون؟ فالمصير قد يكون مجهولا!
“وين يروح ولدي؟”، سؤال مشروع من قلب مكلوم، وشعار مرفوع، عله يكون شعلة نور وأمل مشبوب يسكّن روع قلوب هؤلاء الأمهات الصابرات.
فهل من جواب لهذا السؤال، وهل من مجيب لهذا النداء؟
رباب الشهابي
جمعية البحرين النسائية – للتنمية الإنسانية