من الشعور بالملل إلى لحظات الإبداع

باتت كلمات “ملل”، “متملل”، و”ماذا أفعل؟” تتردد كثيرًا على ألسنة بعض أبنائنا. وفي المقابل، يستغرب بعض الآباء من هذا التكرار، لإحساسهم بأنهم وفرّوا لأبنائهم كل ما يجعلهم لا يشعرون بهذا الشعور.

فقد تكون يوميات أبنائنا مجدولة على نحو روتيني: الذهاب إلى المدرسة، ثم تناول وجبة الغداء بعد العودة، يليها أداء الواجبات المدرسية، ومن ثم اللعب بالأجهزة الذكية، وأخيرًا النوم المبكر في المساء.

إنَّ مثل هذا الروتين اليومي قد يُشعر الأبناء بالملل، ولا يتيح لهم فرصة ممارسة أنشطة أخرى تُحفّز تفكيرهم وتنشّط عقولهم. لذلك، من المهم أن نولي اهتمامًا لموضوع الملل وتأثيره السلبي على أبنائنا، بممارستهم سلوكيات غير مرغوبة، أو انشغالهم بالأجهزة الذكية، أو شعورهم بالضيق، التوتر، والقلق.

عندما يُردّد أبناؤنا كلمات مثل: “ملل”، “متملل”، فإنَّ هذا الشعور لم يأتِ عبثًا، بل قد يحمل في طيّاته رسالة هادفة تُحفّز عقولهم للبحث عن أعمال جديدة، غير تلك التي اعتادوا عليها.

وقبل التفكير في الطرق والبدائل لتعامل أبنائنا اتجاه شعور الملل لنبدأ بأنفسنا ولنتأكد بأننا كأسرة لا نكرّر تلك الكلمات تباعاً فيكرّرها الأبناء تأسّياً بنا، كما تكمن فرصتنا في تحفيزهم على التفكير في بدائل وخيارات تثير حماستهم وتنمّي إبداعهم. ولنترك لهم مساحة للبحث والاكتشاف، ولنُشجّع تفكيرهم في ابتكار أفكار جديدة، ومنحهم فرصة المشاركة بمقترحات بديلة وأنشطة متنوعة.

  كيف نستثمر الملل في تنمية مهارات وإبداع أبنائنا؟

  • وضع برنامج أسري بمشاركة الأبناء يحتوي على خطوات عملية وتطبيقية يمكن للأسرة تنفيذها مع الأبناء، مثل: اقتراح مسابقات منزلية، توفير أدوات للأعمال اليدوية، أو تكليف الطفل بمسؤولية الترفيه العائلي من خلال البحث عن ألعاب ومسابقات منزلية.
  • حثّ الأبناء على تجربة هوايات وأنشطة جديدة لم يسبق لهم ممارستها، فقد نكتشف من خلالها مواهبهم الكامنة.
  • تشجيعهم على القراءة، فهي وسيلة فعالّة لتوسيع معارفهم والانفتاح على آفاق وعوالم جديدة.
  • اصطحابهم في رحلات للاستمتاع بالطبيعة، فالتواجد في أحضانها يمنحهم شعورًا بالانتعاش والتجدّد.

فعندما نساعد أبناءنا على تعلُّم كيفية التعامل مع الملل، فإنّنا نمنحهم فرصة ليكونوا أكثر استقلالية واعتمادًا على أنفسهم في مواجهته بطريقة إيجابية ومبتكرة. وهذا يُكسبهم القدرة على اتخاذ القرارات والتفكير بأفكار “خارج الصندوق”، دون الاعتماد الدائم على الوالدين. فالملل ليس شعورًا نتعامل معه بشكل سلبي، بل هو فرصة حقيقية لتطوّر وإبداع أبنائنا.

بقلم : أ.فضيلة حماد

مقالات ذات صلة

شُكراً أبي

لفت نظري عدد التسجيلات والنكات والقصص التي تتحدث عن الآباء وطريقتهم (الدفشة) أحياناً في التعامل مع الأبناء، فوجدت أنها ليست نظرة شخصية فقط، بل وأصبحت…

لحظات جميلة قد لا تعوض

بينما كانت أم سامي منشغلة في قضاء بعض الأعمال المنزلية، دخل عليها ابنها سامي فرحاً مسروراً حاملاً شهادة تفوقه يُريد أن يفاجئها بنجاحه، وارتفاع تحصيله…

استجابات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *