الإجازة المرضية بين الاستغلال والثقة

“لماذا لا يتفهم المدير ظروفنا، حين نضطر للتغيب عن العمل لأمر طارئ أو شخصي لا نريد البوح به لأحد، لماذا عليّ أن أكذب لأحصل على إجازة مرضية بينما الظرف الذي أمرّ به أصعب من المرض؟”
هكذا تمتمت وهي تذهب إلى مكتب شئون الموظفين، كانت تشعر بتأنيب ضمير ولكنها أعطت لنفسها الحق لتفعل ذلك لأنها مضطرة للذهاب إلى المحكمة بسبب خلاف عائلي!


مشكلة الإجازات المرضية وسوء استغلالها في المؤسسات تناولها الكثيرون من نواحٍ متعددة. وبحسب موقع موسوعة “محامو البحرين” تشير الإحصاءات إلى منح حوالي نصف مليون إجازة مرضية خلال عام 2007 في البحرين، في الوقت الذي أكدت وزارة الصحة أن هناك توجهات للتشديد على منح هذه الإجازات، على الرغم من ذلك المشكلة لا زالت قائمة.


في هذه السطور نسلّط الضوء على المشكلة من منظور القيادة الأخلاقية، فهناك تصرّف غير أخلاقي يتكرر في أغلب المؤسسات ويتسبب في فقدان الثقة بين الموظف والإدارة مما يؤثر سلباً على العلاقات البينية وعلى بيئة العمل، فالقيادة الأخلاقية هي القيادة التي توجّهها الأخلاق والقيم، ويتم وفقها معاملة كل إنسان بإنصاف وأمانة واحترام وثقة في جميع الأوقات، فإذا كانت بوصلة الموظف لقيادة ذاته أخلاقية لن يسمح لنفسه بالتمارض وإرباك العمل بدون سبب حقيقي. والمدير سيثق في الموظف وسينصفه في حال احتاج لإجازة مرضية. لكن الأمور ليست بهذه البساطة، فأحيانا الموظف يمرّ بمشاكل شخصية والقانون لا يسمح له إلا بالإجازات المرضية، فيُعطي هذا الموظف لنفسه الحق بأن يتعامل مع تلك الإجازات المرضية كمستحقات يجب أن يحصل عليها كما يعتقد! فيتمارض ليستخدمها في ظروفه الطارئة متجاوزا قيمه!


القائد الأخلاقي الذي يحترم موظفيه ويريد بناء بيئة تسودها الثقة وعلاقات إنسانية متزنة يتفهّم موظفيه بحيث يستطيع تلمّس مدى حاجتهم للإجازة، ومن جهة أخرى يبحث عن حلول جذرية للمشكلة بالاطلاع على القوانين في الشركات الأخرى واتخاذ الأنسب لبيئة عمله.


على سبيل المثال في البحرين أغلب المؤسسات التجارية تمنح للموظف 15 يوم إجازة مرضية في السنة، وعند مواجهة أي ظرف طارئ، يلجأ البعض للإجازة المرضية لأغراض شخصية. بينما في بعض الشركات الأجنبية تُمنح للموظف عدد محدد من الأيام إجازة للأمور الطارئة، فيمكنه استخدامها للمرض، أو لتخليص معاملات، أو لزيارة مدرسة أبنائه…وغيرها. بإمكان القائد الأخلاقي تطوير نظام مرن للإجازات من خلال الاستفادة من تجارب الآخرين لخلق بيئة عمل أخلاقية.

بقلم : أ.سعاد الزيرة

مقالات ذات صلة

استجابات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *