أقوى امرأة

three woman standing near tree

أعلن مجلس فوربس الشرق الاوسط عن قائمة أقوى 50 سيدة أعمال في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومن بينهم ثلاث نساء بحرينيات تشغلن مناصب قيادية لشركات وهيئات في المنطقة، وفق معايير الإيرادات والمنصب والخبرة المهنية، وبالطبع تفخر البلاد بوجود نساء يحدثن تأثيراً في عالم المال والأسواق.

كذلك يكون الفخر بالمراكز المتقدمة التي حققتها نساء البحرين في الدورات والبطولات الرياضية لما تمتعن به من مهارة وقوة بدنية.

ليس ذلك فحسب، بل بشكل عام يُقاس تقدم الأوطان بعدد النساء القويات اللواتي تُشاركن في المراكز القيادية وصنع القرار، وكل ذلك بمعايير يمكن حسابها بالورقة والقلم.

ثم يأتي سؤال ليطرح نفسه، هل تلك هي المرأة القوية فقط؟

في جولة سريعة وسط المجتمع نرى عدداً لا يحصى من النساء اللواتي حملن على عاتقهن أعباء الحياة في سبيل توفير أساسيات الحياة لأسرهن، فدخلن مجالات عمل غير مسبوقة للنساء فوقفن على قارعة الطريق لبيع البضائع، وسقن الحافلات، وكسرن الحجارة والصخور، بالإضافة للتصدي لتنمر ومضايقات سفلة القوم.

فيأتي سؤال آخر، ألا تعتبر هذه الفئة من النساء “قويات”؟

ولو سألت طفلاً: من هي أقوى امرأة في العالم؟ لكانت اجابته بشكل تلقائي: أمي، ولو سألت يتيماً نفس السؤال: لربما قال مشرفة الدار التي يعيش فيها، ولو سالت فقيراً: لقال التي انتشلته من فقره، وهكذا تكون معايير القوة من منظور كل فرد بحسب حاجته النفسية والمادية والعاطفية.

ورجوعاً للتاريخ نجد الكثير من النساء القويات ممن أحدثن فرقاً ايجابياً في المجتمع واكتسبن هذا اللقب عن جدارة واستحقاق من غير موقع رسمي أو اقتصادي أو رياضي، إنما حاملات عاطفة المحبة التي تنتصر للخير وتنبذ الشر.

فعلى الصعيد الأجنبي يردنا اسم روزا بارك، امرأة أمريكية “سوداء” رفضت أن تقوم من مقعدها في الحافلة ليجلس رجل أبيض، فكانت حركتها تلك سبباً في تغيير القوانين التمييزية لقارة بأكملها.

ومن تراثنا الإسلامي يذكر لنا القرآن نماذج متألقة كالسيدة خديجة (ع) زوجة رسولنا الكريم (ص) فكانت أول من ساندته ونصرته في دعوته متحدية قريش وجبروتها، والسيدة آسيا التي تركت قصر فرعون لتحظى ببيت في الجنة قرب نبي الله موسى (ع)، والسيدة المحصنة مريم (ع) التي أتت بولدها المسيح (ع) أمام الكهنة والمجتمع المتشدد استجابة لأمر ربها.

ليست “أقوى امرأة” هي تلك الخارقة التي تصورها الأفلام، وليست فقط التي تكون رقماً في عالم المال والرياضة والسياسة، بل امرأة فتحت صفحة مشرقة في التاريخ بسبب مواقف ليست قوية فقط بل جبّارة، اتخذتها عن قناعة وإصرار وصبر، فهي التي تكتسب لقبها “قوية” من ثباتها على مبادئها وإيمانها برسالتها لتحقق الانتصار لإنسانيتها متسلحة بالقيم والأخلاق.

م. صبا العصفور

جمعية البحرين النسائية – للتنمية الإنسانية

مقالات ذات صلة