انتصــــــارٌ للحب، أم تهديــــــدٌ للإنسانية؟

الأسرة هي أعظم مؤسسة اجتماعية وأقدس ارتباط لتنظيم حياة الإنسان على الأرض. فالزواج بين الذكر والأنثى هو النظام الوحيد الطبيعي والفطري الذي يستطيع أن يحافظ على استمرار هذه المؤسسة الأسرية والرابطة المقدسة. فلا بقاء لإنسان إلا من خلال هذه العلاقة الطبيعية التي أراد الله لها الاستقرار والقوة والثبات في وجه كل ما يهدد كيانها وأمنها وأسس بنائها من المودة والرحمة والسلام.

ففي يوم الجمعة الموافق 26 يونيو من العام الحالي، أصدرت المحكمة العليا في الولايات المتحدة حكماً تاريخياً يقضي بمنح الحق للمثليين جنسياً بالزواج في جميع الولايات الأمريكية، وهو الحكم الذي وصفه الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأنه (انتصار لأمريكا. وانتصار للحب) معتبراً زواج المثليين نوعاً من أنواع التعبير الطبيعي عن الحب، وأنّ المثلية الجنسية علاقة بشرية طبيعية وسليمة، وأنّ المثليين المتزوجين قادرون على تكوين أسرة بمفهومها الإجتماعي، فينبغي أن لا يستنكرها دين أو يمنعها قانون.

بالرجوع إلى وثيقة حقوق الإنسان باعتبارها إحدى أهم المرجعيات الحقوقية في المحفل الدولي، فقد نصت في المادة السادسة عشرة على (أن الأسرة علاقة بين ذكر وأنثى) لا بين ذكرين ولا بين أنثيين، وألزمت الدولة والمجتمع بالعمل على حمايتها من كل ما يتهدد وجودها، وما تشريع الزواج المثلي إلا تهديد مباشر لهذا البناء. ونصت المادة التاسعة والعشرين من نفس الوثيقة على أن الحريات ليست مطلقة بل مقيدة بالقانون والذي بدوره ينبغي أن يحقق العدل والمصلحة العامة والأخلاق في المجتمع، فلا توجد حرية مطلقة، فالحرية جوهرة مادامت تحقق العدالة وتحافظ على القيم الإنسانية العالية، التي هي الأساس الأخلاقي والقانوني لوثيقة حقوق الإنسان.

لا يوجد للزواج من المثيل أساس فطري، ولا مطلب إنساني، ولا حاجة اجتماعية، بل هو طاعة عمياء لجموح جنسي شاذ أعطي خطأ، بوعي أو دون وعي، الطابع الحقوقي، وهو محرم بالإجماع في الأديان السماوية كلها لأنه يسيء إلى أقدس مؤسسة. فالله تعالى خلق الذكر والأنثى ليكون التزاوج بينهما فقط، وحذر من الانحراف والمثلية الجنسيّة معتبراً إياه انحرافا عن الفطرة، واصفاً قوم لوط بأنهم كانوا يعملون الخبائث وأنهم قوم سوء فاسقين (وَلُوطًا آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ) (الأنبياء: 74). أمّا المسيحية، فغالبية الكنائس المسيحية تعارض الزواج المثلي باعتباره ضد الخطة الإلهية في الزواج والخلقة ومخالف للفطرة، فيقول يسوع: (من بدء الخليقة ذكراً وأنثى خلقهما الله، من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته) (انجيل مرقس 7،6:10)، كما وصف البابا بندكت السادس عشر بأن “زواج المثليين خطر على مستقبل البشرية“.  وقد ذُكر في العهد القديم قصة هلاك مدينتا سدوم وعمورة بسبب خطايا أهلها، ومنها سلوكهم المثلي (كما هو واضح في سفر التكوين، الإصحاح 19).

فالزواج بين الذكر والأنثى هو النظام الطبيعي الذي يحافظ على استمرار النسل البشري والعبث به يعني العبث بالمجتمع وبقوانين الطبيعة التي تنظم الحياة والكون. كما أنه لا يحتاج أن يُدرج كتابياً في دساتير العالم لأنه منحوت بحروف الطبيعة ونراه جلياً في سائر المخلوقات من حيوان ونبات. ولذا وبحسب هذا القانون لا تعتبر هذه العلاقات المثلية زواجاً.

لذا نؤكد إن تشريع زواج المثليين خسارة دستورية على مستوى العالم كله، وهو تجاوز خطير للقوانين الطبيعية للحياة وتلاعب بالأقدار الأصيلة لحياة الإنسان في هذا الكوكب، بل وزج لقيم إنسانية علياً كالحب – الذي من أجله خلق الله العالم- شعاراً زائفاً للتحكم بالمشاعر على حساب المنطق والعقل والفطرة.

وعليه، فإننا ندعو الجميع إعلان رفضهم لهذه الممارسات الخاطئة التي تهدد الإنسانية، وتشكيل هيئة دولية من المختصين والمعنيين لدراسة أوضاع المثليين جنسياً في العالم، لا لرفضهم كأفراد، بل لرفض كل الممارسات الجنسية الخاطئة التي تضر بسلامة الفرد والمجتمع، وبأن يتم وضع خطة علاجية تضمن معالجة هذا الشذوذ الفطري.

جمعية البحرين النسائية – للتنمية الإنسانية

 

مقالات ذات صلة

استجابات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *