هل فرض قيمة المشاركة على الأطفال تعلمهم إياها؟

من المواقف المتكررة في عالم الأطفال، هو أن يطلب طفل من طفل آخر مشاركة ألعابه، وإذا لم يلق التجاوب المطلوب يلجأ للبكاء. وغالبا ما تجد الأم نفسها محرجة في هذا الموقف، فإذا لم يشارك طفلها ألعابه، فقد تخشى من أن تصرّف طفلها يعطي صورة سلبية عنها بأنها لم تربيه على النحو الصحيح. لذا قد تطلب من ابنها مشاركة ألعابه، وإذا لم يستجب قد تهدده، أو ترغمه على ذلك.

لكن هل تصرف الأم يعلم الطفل قيمة المشاركة؟

حقيقة، هذا التصرف ليس فقط غير مجدٍ لتعليم قيمة المشاركة، وإنما يوصل رسائل غير صحيحة ومؤذية للطفلين. فبالنسبة للطفل صاحب اللعبة، فإن سحب اللعبة منه أو التهديد بسحبها يخل بمفهوم الملكية، فلا يعود الطفل يفهم أن لكل شخص حاجياته وممتلكاته الخاصة، وأن عليه المحافظة عليها، بل قد يستنتج أن ما لديه أو لدى الآخرين يمكن لأي أحد انتزاعه منه متى ما كان هو الأقوى. إن هذا التصرف الذي كانت الغاية منه تعليم الطفل قيمة المشاركة، لن يحقق الغرض المؤمل منه لأنه جاء قهريا مفروضا على الطفل ولم يكن نابعا منه.

فالأطفال وخاصة في السنوات الثلاث الأولى من حياتهم بحاجة لفهم وممارسة مفهوم الملكية والخصوصية، وهو مفهوم يتعزز باحترامنا لألعابهم وممتلكاتهم البسيطة، وعدم الاستهانة بها. هذا المفهوم يساعدهم على تحمل مسؤولية ممتلكاتهم، والحفاظ عليها كمبدأ أساسي في حياتهم، ويؤثر على تعاملهم واحترامهم لممتلكات الآخرين كذلك. أما مفهوم المشاركة فهو يبنى على فهم الطفل لمفهوم الملكية، لينقل الطفل من التفكير في ذاته إلى التفكير في الآخرين واتخاذ قرارات بناءً على ذلك.

من ناحية أخرى، فإن الطفل الذي يطلب لعبة الطفل الآخر، ويحصل عليها على إثر بكاءه، يتعلم أنه بالبكاء يحصل على ممتلكات الآخرين، وأن من حقه أخذها ولو لفترة وجيزة، كما يفقد قيمة الاهتمام بحاجات الآخرين والاحساس بآلامهم.

إننا نستطيع إيصال قيمة المشاركة إلى الطفل وتدريبه عليها على النحو الصحيح بأساليب بسيطة، مثل تشجيعه على مشاركة ألعابه مع الطفل الآخر ليستمتعا معا، أو أن تجهز الأم بعض الألعاب التي تساعد على المشاركة مثل توفير أدوات للعب بالرمل تكفي عدد الأطفال المتواجدين، أو أن تتفق الأم مع طفلها مسبقا على الألعاب التي سيتم تخصيصها للمشاركة مع الأطفال الآخرين. أما إذا رفض مشاركة الطفل الآخر، فعلينا أن نحترم رغبته، على أن نواصل السعي لتعزيز مفهوم المشاركة لديه وتشجيعه عليها. وأهم هذه الطرق هو أن يمارس الآباء هذه القيمة عملياً أمام أبنائهم فيتعلمها الأبناء بالممارسة.

أما الطفل الذي يطلب أن يلعب بلعبة الطفل الآخر، فمن المهم أن يتعلم الاستئذان من صاحب اللعبة، واستخدام الكلمات المهذبة في ذلك، وأن يتقبل رفض الطفل إذا ما رفض مشاركته اللعبة، فيتعلم احترام ملكية الآخرين، وخياراتهم.

فالشراكة لها وجهان، الطفل الذي يملك اللعبة، والطفل الذي يريد أن يشاركها، وكلاهما يحتاجان إلى تعلم أسس المشاركة الصحيحة.

جمعية البحرين النسائية

للتنمية الإنسانية

مقالات ذات صلة