أدوار بعيدةٌ عنِ الأنظار

في حديثنا عن المرأة بغض النظر عن موطنها أو ثقافتها أو ميولها، فهي تمثل “العطاء اللامحدود” سواء للآخرين أو لبيئتها أو للمعاني الحياتية المختلفة.

وبمناسبة يوم المرأة العالمي، نسلّط الضوء على بعض الزوايا المخفية للأدوار التي تقوم بها النساء، مع بيان حجم وتأثير تلك الأدوار على العالم بأسره. ففي عالم اليوم الذي يتجاوز عدد السكان فيه 7.7 مليار، وتُشكّل النساء حوالي نصف العدد، فإن هذا العدد الكبير وتزايده بشكل مستمر يُسبّب ضغطا متواتراً على الموارد وعلى أسلوب الحياة بشكل عام، ويزداد هذا الضغط حدّة على النساء بوجه خاص.

كيف؟

أثبتت الكثير من الدراسات أن النساء في العالم هنَّ الأكثر تأثراً بالأوضاع البيئية أو الاجتماعية ويعزو ذلك للدور الأساسي للنساء في إدارة الموارد الطبيعية بما في ذلك التربة والمياه والغابات والطاقة، إذ وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، فإن النساء يشكلنَّ حوالي 43 % من القوى العاملة الزراعية في جميع أنحاء العالم، فهنَّ المسؤولات عن توفير البذور وتربية الحيوانات وحرث الأرض وغيرها من المهام المتعلقة بزراعة المحاصيل الغذائية.

وعلى الرغم من إن 60- 80% من إنتاج الغذاء العالمي تنتجه النساء، إلا أن 70 ٪ من فقراء العالم هن نساء!! وكذلك فإن 60% من الجياع في العالم هن النساء والفتيات!! (حسب تقديرات الأمم المتحدة)

ومن المهام النسوية في كثير من البلدان أيضا مهمة نقل المياه والبحث عن الحطب كوقود، ولا يقتصر الأمر على كون هذه الأدوار قاسية بدنياً على النساء، وإنما أبعد من ذلك بكثير، حيث يحرمهنّ من التعليم ويتعرضنّ للمهانة والاغتصاب وغيرها من صنوف الأذى، إضافة إلى أنهن يقمنّ بهذه الأعمال جنباً إلى جنب مع أدوارهنّ كزوجات ومربيات لأطفالهنّ، وربّات بيوت تقع عليهنّ كل أعباء الطبخ والأعمال المنزلية، مما يجعلهنَّ أكثر عرضة للأمراض والوهن، فقد وصل عدد الوفيات السنوية إلى أكثر من 300 ألف امرأة أثناء الحمل والولادة.

وليس المقصود بهذا الطرح تعظيم دور المرأة والتقليل من شأن الرجل سواء في الحياة بشكل عام أو في إنتاج الغذاء، ولا المقصود تجاهل الأدوار القيادية للنساء في شتى أنحاء العالم، وإنما المراد هو إدراك الدور المخفي للنساء وراء انتفاع العالم بأسره بالمحاصيل والثروات الغذائية، فضلاً عن قساوة ذلك الدور ووقعه على النساء أنفسهنّ.

إن النظرة العادلة للمرأة تستوجب من صنّاع القرار بحث ووضع السياسات الداعمة لتحسين أوضاع النساء اللاتي يقمنَّ بالأدوار المشار اليها آنفاً، وذلك عبر توفير مسارات عديدة للعمل النسائي الذي يحترم كيانهنّ ويحافظ على صحتهنّ وحياتهنّ، وكذلك بحث سبل إدماجهنَّ في المشاريع التنموية وتأهيلهنَّ للوصول إلى مراكز القرار كحال الرجال.

من جانب آخر، واجبنا الإنساني كأفراد هو الحفاظ على الموارد وعدم الإسراف فيها، فطريق وصولها إلينا قائم على تضحيات جسام، ثمنها حياة وشرف فتيات ونساء، ففي الوقت الذي يتم فيه قراءة هذا المقال لا نعرف كم امرأة توفيت جوعاً، وكم امرأة سُخرّت قهراً لتأمين الغذاء لنا. لذا فمن المناسب ونحن نحتفل بيوم المرأة العالمي استذكار حجم وجهد النساء المجهولات وإدراك دورهنَّ في توفير نعمة الطعام الذي بين أيدينا.

منى العلوي 

رئيسة جمعية البحرين النسائية – للتنمية الإنسانية

مقالات ذات صلة

حوار مع الدكتورة/ وجيهة صادق البحارنة – رئيسة جمعية البحرين النسائية – للتنمية الإنسانية

كيف نشأت فكرة تأسيس جمعية البحرين النسائية للتنمية الإنسانية ؟وإلى ما يرجع التميز في برامج وأنشطة الجمعية؟ جمعية البحرين النسائية للتنمية الإنسانية منظمة استشارية في المجلس الاقتصادي…