المرأة.. نظرة تجديدية

في الحلقة النقاشية الأولى لجمعية البحرين النسائية “ مناهضة العنف ضد المرأة “ ، والتي هي الأولى من ضمن مجموعة من الحلقات بعنوان: المرأة.. نظرة تجديدية، قدّمت الدكتورة سهيلة زين العابدين عضو الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين ورقة جريئة بعنوان: (طاعة الزوجة للزوج نظرة تصحيحية)، تتكلم فيها عن جملة مواضيع مترابطة، وطّئت للكثير من الظلم الواقع على المرأة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، وقد بينت زين العابدين المعايير التي تحدد حدود طاعة الزوجة للزوج وأكدتها كثوابت شرعية وقرآنية، كما تطرقت للعديد من المرويات التي تؤسس لمستوىً من الإمتهان للمرأة، وقامت بنقدٍ رصينٍ لها، وعلى أساس الأصول التي تميز بين المرويات الصحيحة والضعيفة والموضوعة متناً وسنَداً.

ومما يدعو للدهشة هنا هو كيف أضحت أحاديث ضعيفة وموضوعة مصدراً  لتشريع الكثير من الأحكام الشرعية المتعلقة بالمرأة، لاسيما تلك التي تعزز دونية المرأة وانحدار قيمتها الإنسانية، لذا أصبحت هناك حاجة ملحة لفقه جديد ذو نظرة متجددة ومتحررة من واقع يعتبر الرجل في ذاته أفضل من المرأة في ذاتها، والأدهى أن تعتبر تلك الأفضلية المزعومة مستمدة من شرعة الله العادلة والحكيمة.

فلابد إذن من قراءة جديدة ومختلفة لمجمل تراثنا مع تنقيته من كل ما دخل عليه من شوائب، كما لا بد من النظر والبحث في القرآن الكريم واستخلاص فهم نقي مستمد من جوهره، لا من مئات التفاسير المتأثرة بزمانها وظروفها وأحوالها.

وقضية المرأة بمختلف جوانبها هي أحوج أن تُتَناول وفق هذا المنهح التجديدي، فمواضيع مثل نشوز المرأة وضربها وجعل طاعتها لزوجها مطلقة، هي مواضيع أصبحنا بأمس الحاجة لتناولها وفق منهج جديد ومغاير، لاسيما مع واقع يشهد الكثير من المهازل بحق المرأة بحيث أضحت المرأة في الفقه المتناول في دولنا أشبه ما تكون بمخلوق أخرق غير متزن وغير مكتمل الإنسانية، بل ومسخر كلياً للرجل في خدمته وقضاء شهوته وفي تحمله ولو بالغ في أذاه وسوء أخلاقه.

ورغم أن التشريع الإسلامي أنصف المرأة إلاّ أن التطبيق لم يفعل ذلك، وغدت المرأة تُوأد بطرق مختلفة بعد أن منحها الإسلام حقها الأصيل في الحياة، تُوأد في حقها في مساواة عادلة مع أخيها الرجل، وتُوأد في إنسانيتها لمّا تُعتبر أنها ناقصة عقل وإدراك ودين، وتُوأد في احترامها لذاتها لمّا يُقرَر أنها من ضلع أعوج.

وللأسف الشديد أن أكثر ما يؤخذ على مجتمعاتنا الإسلامية هو تعاملها مع المرأة، بحيث يقع الملاحظ لها في شبه تناقظ ما بين سماحة الإسلام واحترامه الكبير لمطلق حقوق الإنسان وبين التعامل الدوني للمرأة في الفقه في ذات هذه المجتمعات الإسلامية.

فنرى أن الإسلام العظيم قد أقرّ منذ قرون أن معيار الأفضيلة هو التقوى ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ بينما نجد في فقهنا أن الزوج له دوماً الأفضلية على زوجته وذلك بوجوب طاعته واتباعه وحرمة عصيانه، كما جعل القرآن الولاية مشتركة بين الرجل والمرأة في قوله تعالى ﴿والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله اولئك سيرحمهم الله ان الله عزيز حكيم﴾ بينما الفقه جعلها في يد الرجل في المجتمع والزوج في البيت. وغيرها الكثير من التناقضات التي نراها باستمرار في كتبنا ومحاكمنا وفي عقليات ترسخت في مجتمعاتنا

وأخيراً نقول أنه لابد لنا ولكل مهتم ومتخصص في شئون المرأة وأوضاعها وحقوقها أن يقتحم هذا الميدان المهم جداً والشائك في ذات الوقت، وعلى أساس منهج تجديدي خصب ومستنير لكي يساهم في إصلاح الشرخ الذي أصاب عموم أفهام الناس بشأن المرأة.

نعيمة رجب

جمعية البحرين النسائية – للتنمية الإنسانية

مقالات ذات صلة

حوار مع الدكتورة/ وجيهة صادق البحارنة – رئيسة جمعية البحرين النسائية – للتنمية الإنسانية

كيف نشأت فكرة تأسيس جمعية البحرين النسائية للتنمية الإنسانية ؟وإلى ما يرجع التميز في برامج وأنشطة الجمعية؟ جمعية البحرين النسائية للتنمية الإنسانية منظمة استشارية في المجلس الاقتصادي…