عضوات “البحرين النسائية” في يوم المرأة البحرينية

في يوم المرأة البحرينية الموافق الأول من ديسمبر من كل عام يلتفت الوطن لنسائه محتفياً بذكرى عطائهن المستمر غير المحدود، وممتناً للحب الكبير والتضحيات الجمّة التي تقدمها النساء البحرينيات للناس والمجتمع، تدفعهن الرغبة في التطوُّر والتطوير.. والتعلُّم والتعليم.. والمشاركة في التغيير، من أجل صناعة الأفضل للوطن والأمة.

“إن من أجمل الأعمال؛ أن يقوم الإنسان بخدمة الآخرين دون أن يفكر من هم؟! كبارٌ أم صغار، أغنياءٌ أم فقراء، يدينون بدينه أم بآخر، من جنسه أم من الجنس الآخر، أن ينظر فقط إلى داخل نفسه.. إلى إنسانيته التي أوجدها رب العباد مولودةً معه بفطرته، كجذوةٍ يجب أن تظل مشتعلة عند دخولهِ معترك الحياة” هذا هو منظور العضوة بجمعية البحرين النسائية السيدة جميلة الصيرفي إلى العمل التطوعي، واجب الإنسان تجاه الإنسان.. تشاركها في ذلك عضوات أخريات من الجمعية التي اتخذت من شعار (التنمية الإنسانية) الواسعة والمشاركة فيها هدفاً أساسياً بعيداً عن التخندق في قضايا فئويّة أو نسويّة خاصّة.

وبمناسبة يوم المرأة البحرينية نستعرض في هذا التقرير شواهد لنساء بحرينيات من عضوات جمعية البحرين النسائية للتنمية الإنسانية تمتعن بإرادة صلبة، وسعين بكل جد وعزيمة لتحقيق أهدافهن النبيلة، واستطعن تحقيق طموحاتهن التي عانقت السماء، فصرنّ مثلاً يُحتذى، ونموذجاً يُحتفى به في يومهن الوطني.

المنفعة الجماعية لا الشخصية!

ذكريات سند تقول إن “ انضمامي في سلك العمل التطوعي وخاصة في مجال الأطفال جعلني أتعلم الكثير من القيم، ناهيك عن نمو شخصيتي في جوانب معرفية وثقافية، وعلى صعيد تكوين العلاقات الاجتماعية، واكتساب المهارات اللوجستية والفنية. لكن لعلّ أبرز تأثير في شخصيتي نتج عن تعلمي القيم والنظرة الإنسانية، فالجمعية لم تكن يوماً طائفية أو مذهبية أو تحزبية بل هي لكل إنسان يحب الإنسانية، عالمية تسع العالم كله”.

وتُجمل ذكريات بعضا من المبادئ والقيم الإنسانية التي تجدها المرتكزَ الذي قامت عليه جمعية البحرين النسائية، ومن جملة الأمور التي أثرت في تكوينها؛ وهي التخلي عن المصالح والمنافع الشخصية والتركيز على المنفعة الجماعية للناس ، و الخروج من بؤرة الأنا، فالعمل التطوعي لا يصمد أمام العمل الذي يقوم على الفردية والذاتية ، ثم احترام الإنسان لأنّه إنسان بالدرجة الأولى لا لأيِّ شيء آخر ، إضافةً لا حترام اختلاف الناس وحقوقهم والنظر لهذا الاختلاف على أنه رحمة وفائدة وجمال في هذه الدنيا .

أما العضوة معصومة المتروك فهي ترى كقاعدة عامة أن كل إنسان يجب أن يسعى لتطوير نفسه نحو الأفضل، وهذا ما كانت تسعى إليه! عندما التحقت معصومة بجمعية البحرين النسائية ازدادت ثقتها بنفسها، وتطورت في بعض المجالات. لكنّ القفزة الكبيرة هي التحاقها ببرنامج كن حراً، إذ أصبحت بفضله شخصيةً أكثر ثقة، وتطورت مهاراتها في العمل وطرق حل المشكلات .

تضيف معصومة “من خلال الجمعية وتعرّفي على أهداف برنامج (انطلاقة امرأة) صرت أعرف حقوق المرأة ومجالاتها ودورها، وأسعى لنشر هذه الثقافة في محيطي لرفع مستوى الوعي بها. أما في برنامج (كن حرّاً) فتعلمت مهارات التعامل مع الأطفال التي ساعدتني في عملي أيضاً كمعلمة”.

الحلم حقيقة.. والمستحيل واقعاً

قصة النجاح التي سطرتها العضوة إيمان العصفور جديرة بالاهتمام، فقد كانت تعتقد أن النجاح لا يتحقق إلا بعمل شيء كبير ومميّز يشار إليه بالبنان، وهذا الاعتقاد كان له دورٌ كبير بجعلها حبيسةً لشعور وإحساس خاطئ فترةً طويلة من الزمن. لكنها اكتشفت أن النجاح قد يتحقق من تجاوز معوقات معينة أو بتحقيق أعمالٍ بسيطة وصغيرة متواصلة متراكمة فيكون لها مر دودٌ كبير على صاحبها، وتأثيرٌ على طريقة حياته وتفاعله مع من حوله.

وتضيف “بالنسبة لي، فقد تعلمت برنامجاً لتصميم الكتيبات والمجلات، وكان هذا بمثابة انطلاقة لي في هذا المجال، فبدأت بعمل تصاميم كانت بسيطةً في البداية، لكنها مع الوقت تحسنت مما كان له الأثر في المساهمة بنشر برامجنا، وقد كان لهذا العمل أثرٌ كبيرٌ في نظرتي لنفسي، فقد زاد شعوري بالثقة والقوة والنجاح”.

فضيلة حمّاد عضوة فاعلة في جمعية البحرين النسائية.. تقول “إننا في خضم الحياة  قد نحلم جميعاً أنا أنتَ أنتِ،  ونتمنى أن يحقق الله لنا ذلك الحلم، وتمر الأيام  والشهور والسنين وإذا بك ترى أن الحلم أصبح حقيقة، والمستحيل صار واقعاً ملموساً تراه بعينيك، لكن كيف حصل هذا ياترى؟ ومن ساعدك لجني تلك الثمار؟”.

وتواصل “جمعية البحرين النسائية للتنمية الإنسانية، أتاحت لي الكثير من فرص التعلم واكتساب بعض المهارات، فعلى المستوى الشخصي ازدادت ثقتي بنفسي وبقدراتي، من خلال مشاركاتي في لجان المؤتمرات التي أقيمت من قبل جمعيتنا، وكذلك مشاركاتي في مؤتمرات خارج البحرين، وهذا ساعدني في معرفة نفسي وقدراتها. كما أنني اكتسبت  الكثير من المهارات التي ساعدتني للتقدم للأمام لأحقق ماكنت أحلم به، سواء على الصعيد الثقافي والفكري، أو اكتساب المهارات الكتابية حيث شاركت بكتابة بعض المقالات التي أدرجت ضمن نشرة برنامج (كن حراً)”.

وفي مقابل ذلك الذي يُعدُّ حلماً كانت فضيلة مستعدة لمواجهة مستحيلها الذي لم تتوقع يوماً أن تتخطاه.. لكنها عرفت حينها أنه ما عليها –إذا أرادت الوصول لما تظنه مستحيلاً، ووضع بصمتها في الحياة- إلا تخطي الصعب فتصنع من المستحيل واقعاً تراه ينمو أمام ناظريها فتقر به عينها.

”كانت مشاركتي في الإذاعة من أكبر المستحيلات التي لم أكن أتوقع أنني سأشارك حتى في حلقة إذاعية واحدة!!  فكيف بي وقد شاركت بعدة حلقات، كذلك قمت بتقديم ورشة تدريبية خارج البحرين، وبحضورٍ يفوق المائة من الرجال والنساء”.

ولكن قصص النجاحات لا تأتي دون مقاساة الظروف وتجاوز التحديات!

اليوم العالمي للمتطوعين.. دفعةٌ للتحدي!

جاء في رسالة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون هذا العام بمناسبة اليوم الدولي للمتطوعين، الموافق 5 كانون الأول/ديسمبر “بمناسبة اليوم الدولي للمتطوعين، نعترف للمتطوعين بما يبدونه من تفانٍ في العمل، وبروح الخدمة العامة المثيرة للإعجاب التي يتحلون بها، وبما يبذلونه من جهود على نطاق واسع من أجل النهوض بأهداف الأمم المتحدة. وبتجاوز سكان العالم لعتبة سبعة بلايين نسمة هذه السنة، يجب علينا الإفادة مما لكل فرد من إمكانات يسخرها لمساعدة الآخرين. فبوسع كل فرد أن يأتي بالتغيير”.

كما أثنى بان كي مون على الملايين من المتطوعين العاملين في سبيل التنمية المستدامة، وتقديم المساعدة الإنسانية، والحفاظ على البيئة، وإحراز التقدم لبلوغ الأهداف الإنمائية للألفية. قائلاً “إنهم بشغفهم والتزامهم إنما يسهمون في البرهنة على ما للعمل التطوعي من قدرة على تغيير العالم”.

من جهتهن، تُقبِل عضوات جمعية البحرين النسائية للتنمية الإنسانية على العمل التطوعي بحب ودافعٍ إنساني دون النظر إلى المقابل، والأمل يحدوهن بنشر الخير والسلام بين جميع الناس.

ولما يتطلبه العمل التطوعي من وقت وجهد وتفانٍ يواجه المتطوعون في العادة تحديات كثيرة، تتطلب إرادةً صلبةً لتجاوزها، وعزما لا يلين.. ولا تخلو جمعية البحرين النسائية للتنمية الإنسانية من نماذج رائعة تمكّنت من تخطي التحديات من أجل المضي في العمل التطوعي في الجمعية.

في التطوع.. روح الإنسانية

العضوة فاطمة محمد جاسم كانت فرحة وفخورة بنفسها لأنها وجدت في العمل التطوعي نفسها، وتمكنت من تحقيق ذاتها وطموحاتها.

تقول فاطمة… “ بدأت مشوار حياتي في العمل التطوعي في جمعية البحرين النسائية انطلاقا من قناعتي بأن كل فرد هو جزء من هذا المجتمع، وهو نسيجٌ مترابط فيه وأنه كما يأخذ لابد وأن يعطي، وكما يستهلك لابد وأن ينتج، آثرت العمل التطوعي، وازددت حماسة وشغفاً به. وفي داخلي كنت أكبر مع كل عمل أنجزه وتزيد سعادتي حينما أؤديه بإتقان، إنه الشعور بالسعادة والنشوة، فالعمل دون انتظار مردود يقابله الشعور بقمة السعادة والأنس”.

إلا أن تحديات أخرى بدأت تطل برأسها على فاطمة، وتقف حجر عثرة أمام العمل التطوعي والانخراط فيه بحرية ومن دون قيود … كان أهمها صعوبة التوفيق بين المهنة والعمل التطوعي والمسؤوليات العائلية.

“كان لزاما علي مواجهتها.. ليس بمقولة أن أخرب قرية وأعمر قرية، إنما برويّة وحكمة، لذا قرّرتُ أن أسعى لتجاوز العقبات من خلال التنسيق العام، والجدولة اليومية، وترتيب الأولويات، وإدارة الوقت، فنجحت في ذلك وزاولت العمل التطوعي دون إهمال أسرتي ومهنتي، بأريحية وانسجامٍ تامّين”.

موانع ماديّة واجتماعية

زينب عبد العزيز عضوة واجهت تحدياً مادياً كاد أن يعيقها عن القيام بالتطوع لولا إصرارها على المضي ، فقد التحقت منذ بداية تأسيس الجمعية إلى لجنة كانت آنئذٍ وهي (اليد البيضاء) التي تهتم بمساعدة الأطفال ذوي الأمراض المزمنة كفقر الدم المنجلي ودعمهم تعليمياً، وكان التحدي الأبرز هو توفير مواصلات كي تتمكن من الانتقال للأطفال وتدريسهم. تقول زينب “اخترت طفلا من قريتنا، وكنت أذهب إليه مرة في الأسبوع سيراً على الأقدام، وتكونت علاقة طيّبة بيني وبين أسرته، ثم انتقلت بعد فترة لطفلٍ آخر من قريةٍ قريبة، وكنت أذهب إليه سيراً أيضاً لتدريسه مادة   الرياضيات، إلى أن أقبل شهر رمضان المبارك.. فتحولت زيارتي للأطفال من مسائية إلى ليليّة، ولكنني لم أتوقف حتى أنهيت واجبي في تدريس آخر طفل، ولم يكن عندي وسيلة نقل”.

عضوة بالجمعية -آثرت عدم ذكر اسمها- انضمت لجمعية البحرين النسائية منذ عام التأسيس 2001م، ومع بدء مزاولة نشاطها التطوعي؛ بدأت سلسلة من المشاكل الاجتماعية والسبب كما تحكي “عدم قناعة المحيطين بي بأهمية العمل التطوعي أو بدورٍ ينبغي أن تضطلع به المرأة أيّا كان هذا الدور”!

وتضيف “من جانبي كانت قناعتي الشخصية بأهمية العمل التطوعي تزداد يوماً بعد يوم، وإثر هذه الثقافة والقناعة الراسخة استطعت بدوري ترك بصمات ملموسة في مجال العمل والمجال الأسري. بعدها بت أعيش صراعاً بين مواصلة العمل التطوعي رغم التحديات والمعيقات الاجتماعية أو تركه. لكنني عاودت أدراجي متحديةً تلك الصعاب، محاولةً قدر المستطاع أن أستنهض ما قُبِر من قدراتي بمحض إرادتي . وها أنا ذا أقبل على عملي وكلي أمل بأن أخطوَ خطوات نجاح ملموسة وأبرهن في الوقت ذاته لنفسي قبل أي أحد إن طاقة الإنسان لا حد لها إن أراد الإنسان ذلك وسعى لها سعياً حثيثاً”.

رحلة البحث عن الذات

رحلة العمل التطوعي مع نجاح إسماعيل كانت مميزة.. بل هي أشبه برحلة البحث عن الذات، البحث عن الذات عميق وصعب، ودونه تحديات كثيرة.. هكذا كانت حياة نجاح.. التي ارتأت أن تمضي رغم الصعوبات بعزيمة المريد وإصرار العازم، استطاعت تحقيق ذلك لسببٍ مؤثر، وهو حافزٌ أضاء لها الدرب.. تعبّر عن ذلك بقولها ” نعم، وجدت ضالتي المنشودة، دائماً كنت أسأل نفسي: لماذا هذا الحب والشوق إلى العمل التطوعي؟ فأتحير في الإجابة، لكنني وجدتها.. فمعه الحياة الحقيقية، هو الماء الذي يحي القلوب والعقول ويزيد رصيد الإنسانية لدينا! في الماضي كنت أنظر إلى نفسي وأخاطبها: من أنت؟ وما الذي باستطاعتك تقديمه؟ فاقدة للثقة بنفسي وبما أملك، والآن بحمد الله نزعت الجلد البالي، واستبدلته برداء الثقة بالنفس والنظرة الإيجابية إلى نفسي وقدراتي”.

ولكن ماذا تفعل نجاح حين تواجهها الظروف القاهرة؟ وتتكاثر المشاكل من حولها؟

“أتذكر بأن هناك عمل يناديني لأقدمه بحب، فتغمرني الراحة والأنس، لا توقفني التحديات التي أعيشها، ربما في بعض الأحيان القاهرة أتخلف، ولكن سرعان ما أعود؛ لأن فيه حياتي وأنسي، وأمور لا أستطيع التعبير عنها باللسان لأن اللسان لا يعطيها حقها، أصبح التحاقي بالعمل التطوعي هو الباعث للأمل والتفاؤل، معه تنمو روحي وينضج عقلي، وينمو داخلي الذي لا أراه ولكني أعيشه وألحظ التغيير فيه”.

وأخيراً.. فإنه يبدو جلياً من خلال القصص السالفة أن تحديات كثيرة ومتراكبة تواجه المرأة في القيام بعملها التطوعي، وهي تتدرج من المشكلات البسيطة التي يمكن تجاوزها بقليل من الإرادة وتنظيم الوقت، إلى مشكلات معقدة أو متشابكة، من ضمنها تحديات مجتمعية، مادية، فكرية، دينية.. الخ أو مزيج منها، لكنّ المرأة إذا ما آمنت أنها رقمٌ هام وامتلكت إرادة التغيير لتجاوز العقبات، ووظّفت حافزاً إنسانياً عميق الصلة بدورها ووجودها في هذه الحياة؛ فسوف تتخطاها دون شك إلى مساحاتٍ رحبة من العمل الإنساني المبدع.

مقالات ذات صلة

حوار مع الدكتورة/ وجيهة صادق البحارنة – رئيسة جمعية البحرين النسائية – للتنمية الإنسانية

كيف نشأت فكرة تأسيس جمعية البحرين النسائية للتنمية الإنسانية ؟وإلى ما يرجع التميز في برامج وأنشطة الجمعية؟ جمعية البحرين النسائية للتنمية الإنسانية منظمة استشارية في المجلس الاقتصادي…

استجابات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *